الْمُسْلِمِينَ مِنْ سَبَايَاهُمْ، فَقَدْ كَانُوا فَيْئًا، فَفَكَّهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَطْلَقَهُمْ، لِمَا وَلُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ، بِغَيْرِ سَهْمٍ مَفْرُوضٍ، وَقَالَ يَوْمَئِذٍ، وَهُوَ يَسْأَلُ مِنْ أَنْعَامِهِمْ، وَتَعَلَّقَ رِدَاؤُهُ بِشَجَرَةٍ: «رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي، فَلَوْ كَانَ لَكُمْ مِثْلُ عَدَدِ سَمُرِهَا نِعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، وَمَا أَنَا بِأَحَقُّ بِهَذَا الْفَيْءِ مِنْكُمْ بِهَذِهِ الْوَبَرَةِ آخِذُهَا مِنْ كَاهِلِ الْبَعِيرِ» ، فَفِي هَذَا بَيَانٌ عَنْ مَوَاضِعِ الْفَيْءِ وَوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ. فَأَمَّا الصَّدَقَاتُ، فَإِنَّهُ جَعَلَهَا زَكَاةً وَطَهُورًا لِعِبَادِهِ، لِيَعْلَمَ بِذَلِكَ صَبْرَهُمْ وَإِيمَانَهُمْ بِمَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ، فَنَادَى بِهِ إِلَى نَبِيِّهِ فَقَالَ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣] ، وَلَمْ يَقُلْ: خُذْهَا لِنَفْسِكَ وَلِقُرْبَاكَ، مَعَ أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِنَبِيٍّ وَلَا أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَا حَقَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ. قَالَ: فَقَالَ اللَّهُ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: ٦٠] إِلَى قَوْلِهِ: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: ٦٠] ، فَهَذِهِ مَوَاضِعُ الصَّدَقَاتِ، حَيَوَانِهَا وَثِمَارِهَا وَصَامِتِهَا. ثُمَّ فَرَضَ اللَّهُ وَسَنَّ نَبِيُّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَتَبَ فِيهَا إِلَى الْآفَاقِ، وَجَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَدْ قَالَ مُرْتَدُّو الْعَرَبِ: نُقِيمُ الصَّلَاةَ وَلَا نُؤْتِي الزَّكَاةَ: لَا أُفَرِّقُ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ، وَلَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا طَيِّبَةً بِذَلِكَ نَفْسِي. وَمَا لِأَحَدٍ أَنْ يَتَخَيَّرَ وَأَنْ يَتَحَكَّمَ فِيمَا نَطَقَ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ تَأَلَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ رُؤَسَاءَ مِنْ رُؤَسَاءِ الْعَرَبِ فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ فِي ذَلِكَ مَا قَالَ، فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute