للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، حَتَّى جَاءَ بِهَا إِلَى دَارِ ابْنِ سِبَاعٍ بِالْمُصَلَّى الَّتِي هِيَ الْيَوْمَ لِخَالِصَةَ، فَوَضَعَ ثَمَّ بَابًا، ثُمَّ بَنَى ذَلِكَ كُلَّهُ بُيُوتًا، فَجَعَلَ فِيهِ الْأَسْوَاقَ كُلَّهَا، فَكَانَ الَّذِي وَلَّى ابْنُ هِشَامٍ سَعْدَ بْنَ عَمْرٍو الزُّرَقِيَّ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَتَمَّ بِنَاؤُهَا إِلَّا شَيْئًا مِنْ بَابِهَا الَّذِي بِالْمُصَلَّى، وَنُقِلَتْ أَبْوَابُهَا إِلَيْهَا مَعْمُولَةً مِنَ الشَّامِ، وَأَكْثَرُهَا مِنَ الْبَلْقَاءِ، فَلَمْ تَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَيَاةَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَفِيهَا التُّجَّارُ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْكِرَاءُ، حَتَّى تُوُفِّيَ هِشَامٌ، فَقَدِمَ بِوَفَاتِهِ ابْنُ مُكَدَّمٍ الثَّقَفِيُّ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى رَأْسِ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ صَاحَ: مَاتَ الْأَحْوَلُ، وَاسْتُخْلِفَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ. فَلَمَّا دَخَلَ دَارَ هِشَامٍ تِلْكَ صَاحَ بِهِ النَّاسُ: مَا تَقُولُ فِي الدَّارِ؟ قَالَ: اهْدِمُوهَا. فَوَقَعَ النَّاسُ فَهَدَمُوهَا، وَانْتُهِبَتْ أَبْوَابُهَا وَخَشَبُهَا وَجَرِيدُهَا، فَلَمْ يَمْضِ ثَالِثَةٌ حَتَّى وُضِعَتْ إِلَى الْأَرْضِ فَقَالَ أَبُو مَعْرُوفٍ، أَحَدُ بَنِي مَعْرُوفِ بْنِ تَمِيمٍ:

[البحر البسيط]

مَا كَانَ فِي هَدْمِ دَارِ السُّوقِ إِذْ هُدِمَتْ ... سُوقُ الْمَدِينَةِ مِنْ ظُلْمٍ وَلَا حَيَفِ

قَامَ الرِّجَالُ عَلَيْهَا يَضْرِبُونَ مَعًا ... ضَرْبًا يُفَرِّقُ بَيْنَ السُّورِ وَالنَّجَفِ

يَنْحَطُّ مِنْهَا وَيَهْوِي مِنْ مَنَاكِبِهَا ... صَخْرٌ تَقَلَّبَ فِي الْأَسْوَاقِ كَالْحَلَفِ

وَأَمَّا قَصْرُ خَلٍّ الَّذِي بِظَاهِرِ الْحَرَّةِ عَلَى طَرِيقِ دُومَةَ، فَإِنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَرَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِبِنَائِهِ؛ لِيَكُونَ حِصْنًا لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَيُقَالُ: بَلْ أَمَرَ بِهِ مُعَاوِيَةُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ، فَوَلَّاهُ مَرْوَانُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، وَفِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>