للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْحِزَامِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، وَابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، " أَنَّ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيَّ، كَانَ شَاعِرًا، وَكَانَ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ، وَيُحَرِّضُ عَلَيْهِمْ كُفَّارَ قُرَيْشٍ فِي شِعْرِهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهِيَ أَخْلَاطٌ، مِنْهُمُ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ تَجْمَعُهُمْ دَعْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْهُمُ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ، وَمِنْهُمُ الْيَهُودُ أَهْلُ الْحَلْقَةِ وَالْحُصُونِ، وَهُمْ حُلَفَاءُ الْحَيَّيْنِ: الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ اسْتِصْلَاحَهُمْ وَمُوَادَعَتَهُمْ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَكُونُ مُسْلِمًا وَأَبُوهُ مُشْرِكًا، وَالرَّجُلُ يَكُونُ مُسْلِمًا وَأَخُوهُ مُشْرِكًا، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه ⦗٤٦٠⦘ وسلم يُؤْذُونَهُ وَأَصْحَابَهُ أَشَدَّ الْأَذَى، فَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَالْمُسْلِمِينَ بِالصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ وَالْعَفْوِ عَنْهُمْ، وَفِيهِمْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [آل عمران: ١٨٦] ، وَفِيهِمْ أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: ١٠٩] ، فَلَمَّا أَبَى كَعْبٌ أَنْ يَنْزِعَ عَنْ أَذَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَذَى الْمُسْلِمِينَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِي خَمْسَةِ رَهْطٍ فَأَتَوْهُ عَشِيَّةً فِي مَجْلِسِهِ بِالْعَوَالِي، فَلَمَّا رَآهُمْ كَعْبٌ أَنْكَرَ شَأْنَهُمْ وَكَادَ يُذْعَرُ مِنْهُمْ فَقَالَ لَهُمْ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قَالُوا: جَاءَ بِنَا حَاجَةٌ إِلَيْكَ قَالَ: فَلْيَدْنُ إِلَيَّ بَعْضُكُمْ فَلْيُحَدِّثْنِي بِهَا، فَدَنَا إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: جِئْنَاكَ لِنَبِيعَكَ أَدْرَاعًا لَنَا نَسْتَعِينُ بِأَثْمَانِهَا فَقَالَ لَهُمْ: وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَقَدْ جُهِدْتُمْ ثُمَّ جُهِدْتُمْ مُنْذُ نَزَلَ بِكُمْ هَذَا الرَّجُلُ، ثُمَّ وَاعَدَهُمْ أَنْ يَأْتُوهُ عِشَاءً حِينَ يَهْدَأُ عَنْهُ النَّاسُ، فَجَاءُوهُ فَنَادَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَامَ لِيَخْرُجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا طَوَّقُوكَ سَاعَتَهُمْ هَذِهِ لِشَيْءٍ مِمَّا تُحِبُّ قَالَ: بَلَى، إِنَّهُمْ قَدْ حَدَّثُونِي حَدِيثَهُمْ. فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَاعْتَنَقَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: لَا تَسْتَنْكِرُوا إِنْ قَتَلْتُمُونِي وَإِيَّاهُ جَمِيعًا. قَالَ: وَطَعَنَهُ بَعْضُهُمْ بِالسَّيْفِ فِي خَاصِرَتِهِ ⦗٤٦١⦘، فَلَمَّا قَتَلُوهُ فَزِعَتِ الْيَهُودُ وَمَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَغَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَصْبَحُوا فَقَالُوا: قَدْ طُرِقَ صَاحِبُنَا اللَّيْلَةَ، وَهُوَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَتِنَا فَقُتِلَ غِيلَةً، فَذَكَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَانَ يَقُولُهُ فِي أَشْعَارِهِ وَيُؤْذِيهِمْ بِهِ، وَدَعَاهُمْ إِلَى أَنْ تُكْتَبَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ صَحِيفَةٌ فِيهَا جِمَاعُ أَمْرِ النَّاسِ، فَكَتَبَهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

<<  <  ج: ص:  >  >>