للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودخول النار ومؤاخاة النساء يُسأل عنه على وجهين:

أحدهما: هل هو قربة وطاعة وطريق إلى الله شرع سلوكه لأولياء الله المتقين وعباده الصالحين وجنده الغالبين أم لا؟

والثاني: إذا لم يكن قربة فهل هو حلال أم حرام؟

والمسألة الأولى أهم وأنفع وأظهر من الثانية؛ فإن الذين يجتمعون على ذلك من المشايخ وأتباعهم المنتسبين إلى الدين والفقر والزهد وسلوك طريق الله لا يعدون ذلك من باب اللعب واللهو وتضييع الزمان فيما لا ينفع كما يلهو بعض العامة في الأفراح والغناء وغيره، بل هو عندهم طريق للقوم المشار إليهم بالدين، ومنهاج لأهل الزهد والعبادة وأهل السلوك والإرادة، وذوي القلوب من الرجال أهل المقامات والأحوال، فإنما يفعلونه قاصدين به صلاح القلوب والدخول في زمرة أهل الوجد (والرزق والمشروب) (١)، وتحريك وجد أهل المحبة بالمحبوب، إلى أمثال ذلك مما يطول وصفه. ويحصل لهم فيه أنواع من الأحوال العجيبة والموارد الغريبة ما يعرفه من الرجال أهل المعرفة بهذا الحال، فمنهم من يصعد في الهواء، ومنهم من يبقى راقصًا في الهواء، ومنهم من يصير ذاهبًا وجائيًا على الماء، ومنهم من يُؤتى بشراب يسقيه للفتى، أو غيره من الجلساء، أو بزيت فيوقد به المصباح بعد مقاربة الانطفاء، ومنهم من يخاطب بعض الحاضرين بلسان الأعجمي، ويكاشفه سر الخفي وإذا أفاق لم يدر ما قال كالمصروع بالجني ومنهم من يشير إليه، ومنهم من يسلب بعض المنكرين عليه قلبه ولسانه حتى لا يستطيع قراءةً ولا دعاءً ولا ذكرًا، وقد يمسك لسانه فلا يستطيع أن يقول لا عُرفًا ولا نُكرًا، ومنهم من يباشر النار بلا دهنٍ ولا حجرٍ طلق ولا غير ذلك من أمور الطبيعة بل يبقى بالنار تتأجج في يديه وثيابه، ومنهم من يأتيه زعفران ولاذن من حيث لا يدري، وقد يأخذ بيده حصاة فتسلت من يده ويجعل مكانها سكرة، إلى أمثال هذه العجائب التي يطول وصفها التي يظنها من لا يعرف


(١) قال المحقق: (كذا في الأصل).

<<  <   >  >>