للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكاذبين، وختم السورة بما يناسب ما فيها فقال: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} الآية، فالموفون بالعقود صادقون؛ فنفعهم الصدق بالوفاء يوم القيامة بما وعدهم من الكرامة، ثم تكلم سبحانه وتعالى على الوفاء بالعهد.

وقال: وهذه سورة «المائدة» للمؤمنين أمرهم فيها بالوفاء بالعقود، وذكَّرهم فيها بنعمته، كما قال تعالى لبني إسرائيل: {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} فذكر النعم التي توجب الشكر، والوفاء بالعقود يحتاج إلى الصبر، ولا بد أن يكون صبارًا أو شكورًا؛ كما قال في أثناء السورة بعد آية الطهارة: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}.

/ قال: فلما كان هذا فاتحة السورة كان من مضمونها الشريعة والمنهاج التي جعلها لأهل القرآن، فبين لهم من تفصيل أمره ونهيه الذي جعل الله لهم شرعة ومنهاجًا في هذه السورة ما وجب عليهم الوفاء به؛ لأجل إيمانهم الذي هو عقد يوجب عليهم طاعة الله ورسله واتباع كتابه، ولهذا رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن سورة المائدة آخر القرآن نزولاً؛ فأحلوا حلالها وحرموا حرامها»، وعن أبي ميسرة: «إن فيها بضع عشرة شريعة ليست في غيرها».

لما أمرهم الله - عز وجل - أن يوفوا بالعهود المتناولة لعقوده التي وجب عليها

<<  <   >  >>