{سَفِهَ نَفْسَهُ} معناه: سفهت نفسه - أي: كانت سفيهة - فلما أضاف الفعل إليه نصبها على التمييز، وهذا الذي قاله الكوفيون أصح في اللغة والمعنى، فإن الإنسان هو السفيه نفسه، كما قال / تعالى:{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ} كذلك قوله: {تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ}، أي [تختان] أنفسكم، فالأنفس هي التي اختانت كما أنها السفيهة، وقال:«اختانت» ولم يقل: «خانت» لأن الافتعال [فيه زيادة فعل على ما في] مجرد الخيانة.
قال في أثناء كلامه: أو يكون قوله: {تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ}، أي يخون بعضكم بعضًا، كقوله:{فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}، فإن السارق وأقوامه خانوا إخوانهم المؤمنين، والمجامع إذا [كان] جامع امرأته وهي لا تعلم أنه حرام؛ فقد خانها.
قال: والأول أشبه، والنفس هي [التي] خانت؛ فإنها تحب الشهوة والمال والرياسة، وخان واختان مثل كسب واكتسب، فجعل الإنسان مختانًا، ثم بيَّن أن النفس هي التي تختان، كما أنها هي التي تسفه [لأن] مبدأ ذلك [من] شهوتها ليس هو مما [يأمر به العقل والرأي] ومبدأ السفه منها لخفتها وطيشها، والإنسان (تارة تغلبه نفسه في السر على هواه) بأمورٍ ينهاها عنه العقل / والدين،