للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحق: أنه مبني على جواز تعليل الحكم بعلتين، فمن جوزه لا يلزم عنده انتفاء الحكم لانتفاء الوصف لقيام الوصف الآخر مقامه.

فإن ثبت وجود الحكم عند وجود الوصف، فيكون الوصف مطردًا أيضًا، كما كان منعكسًا، كان ذلك أبلغ في صلاحية الوصف علة لتلازمه، مع الحكم وجودًا وعدمًا.

وقيل (١): معنى قوله: "أبلغ" أي: في العكسية.

وقد بالغ في عكس المقصود، لأن الطرد ثبوت الحكم لثبوت الوصف، كما أن العكس (٢) انتفاؤه لانتفاء الوصف، فكل منهما مباين للآخر، فكيف يكون مقويًا له؟

والمراد بانتفاء الحكم العلم، أو الظن بانتفائه، إذ لا يلزم من انتفاء الدليل انتفاء المدلول في نفس الأمر، لأن العالم دليل الصانع، وحال عدمه كان الصانع موجودًا قطعًا، وهذا مبني على المذهب الحق، وهو أن بعض المجتهدين مصيب، وبعضهم مخطئ.

ومن قال: كل مجتهد مصيب، وحكم اللَّه تابع لظن المجتهد، فعند انتفاء ظنه ينتفى الحكم.

وقد مثل المصنف للعكس بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- حين تعجبوا في إتيان الشخص زوجته، ويؤجر على ذلك فقال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان له وزر؟


(١) جاء في هامش (أ، ب): "المحلي". وراجع: شرحه على جمع الجوامع: ٢/ ٣٠٥.
(٢) آخر الورقة (١١٥/ ب من أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>