من المعلوم أن كتاب "جمع الجوامع" للإمام السبكي، قد حوى كثيرًا مما اشتملت عليه كتب الأصول التي سبقته، وقد ذكر مصنفه أنه جمعه من أكثر من مائة مصنف، فهو على اسمه "جمع الجوامع"؛ لأنه جمع في طياته غالب المسائل الأصولية، إن لم أقل كلها، بل وما اكتفى بذلك حيث عقد في نهاية كلامه على مسائل أصول الفقه عدة مباحث في الكلام على مسائل أصول الدين، وقسمها قسمين، مسائل اعتقادية عملية، ومسائل اعتقادية علمية، ثم أنهى كتابه بخاتمة في التصوف، وقد استغرق ذلك من المخطوط بما يزيد على عشرين لوحة، أي ما يعادل خمسة وأربعين صفحة تقريبًا، تصلح لأن تكون رسالة علمية مستقلة في العقيدة.
ولا غرابة في ذلك، لأن المصنف قد التزم في مقدمة كتابه أن يكون مؤلفه محيطًا بالأصلين، أصول الفقه، وأصول الدين، فوفى بما وعد، حيث قال:" ... ونضرع إليك في منع الموانع، عن إكمال "جمع الجوامع" الآتي من فني الأصول بالقواعد، القواطع، البالغ من الإحاطة بالأصلين، مبلغ ذوي الجد والتشمير، الوارد من زهاء مائة مصنف، منهلًا يروي ويمير، المحيط بزبدة ما في شرحي على المختصر والمنهاج، مع مزيد كثير، وينحصر في مقدمات، وسبعة كتب"(١).
(١) راجع: جمع الجوامع: ص/ ١٢٤ ضمن مجموع المتون، وص/ ١٨٤، من هذا الكتاب.