للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وقع للشافعي هذا النوع من التردد في ستة عشر، أو سبعة عشر موضعًا (١)، وذلك يدل على نباهة شأنه علمًا ودينًا.

أما علمًا: فلأنه قد أشبع النظر في الدلائل، والأمارات حتى أوجب عليه التوقف، ولو اغتر باول ما يبدو له، وصمم، ومضى على ذلك لم يقع له التوقف.

وأما دينًا: فلأنه لم يبال بإظهار التردد، والتوقف من قدح طاعن في ذلك، ونسبته إلى قصور النظر في استنباط الأحكام، وقد عابه بذلك بعض القاصرين جهلًا منهم بما ذكرنا.

ثم القولان المذكوران، وهما اللذان لا ترجيح فيهما لا صريحًا، ولا إشعارًا، فعن الشيخ أبي حامد ما خالف فيه أبا حنيفة أرجح؛ لأنه لم يخالفه إلا وقد اطلع على مأخذ أقوى من أخذه.

وقال القفال: الموافق أولى (٢)؛ لأنه ما وافقه إلا لما ظهر له من قوة مأخذه.

قال المصنف: الأصح الترجيح بالنظر.


(١) قال الشيرازي: "ومنها أن يذكر في وقت واحد قولين، ولا يبين الصواب عنده من الخطأ، بل يقول: إن هذه المسألة تحتمل قولين، فهذا النوع ذكره القاضي أبو حامد المروروذي أنه ليس للشافعي مثل ذلك إلا بضعة عشر موضعًا، أو ستة عشر أو سبعة عشر. . . . " شرح اللمع: ٢/ ١٠٧٩، وانظر: الإبهاج: ٣/ ٢٠٢ - ٢٠٣.
(٢) راجع: المجموع شرح المهذب: ١/ ٦٨ - ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>