استدلوا على أنه السطح المذكور، بأنه لو كان بعدًا مجردًا وجوديًا، فإذا نفذ فيه الجسم يلزم تداخل البعدين، أي: بعد المكان، وبعد المتمكن، بحيث يرتفع التمايز بينهما في الوضع، والمقدار، وتجويز ذلك يفضي إلى جواز تداخل العالم في حيز الخردلة وهو محال.
ولو كان بعدًا مفروضًا، أي: نفيًا محضًا لما قبل الزيادة، والنقصان، والثاني: باطل لأن البعد بين المدينتين أكثر من البعد بين الجوارين.
والجواب -عن الأول- أنه لا يلزم من جواز تداخل بعدين أحدهما مادي، والآخر مجرد تداخل البعدين الماديين.
وعن الثاني: بأن الزيادة، والنقصان باعتبار الفرض على معنى أن لو كان بين المدينتين (١) مقدار موجود، لكان ذلك المقدار الموجود أعظم من المقدار الموجود بين الجوارين.
قوله:"والخلاء جائز".
أقول: لما كان مذهب المتكلمين أن المكان عبارة عن الفراغ المتوهم الذي يشغله الجسم بمعنى أنه لو لم يشغله لكان خلاء أشار إلى أن الخلاء ممكن.
فإن قلت: كيف يتصور جواز الخلاء عند المتكلمين القائلين، بأن المكان نفي محض، وأمر وهمي؟
قلت: معناه أنه يمكن أن يكون جسمان لا يتماسان، ولا يكون بينهما ما يماسهما، كما أشار إليه المصنف.