للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعمل وإن (١) خفت العجب مستغفرًا مجمل ما فصله هذا في العمل الذي وزن بميزان الشرع، وكان موافقًا لقانونه. وأما الذي لا يوافقه -فبعد العراض على الميزان، ووجدانه زيفًا- إياك أن تواقعه، الحذر كل الحذر، فإن قصدت إليه، ووطنت النفس عليه، فهي معصية، فاستغفر عنها، فإن من هيأ أسباب شرب الخمر اليوم ليسكر في غد، ووطن النفس عليه، واغتالته المنية، فهو آثم، ولا بد من بسط الكلام هنا، لأنه مزلة الأقدام.

فنقول: ما يقع في النفوس له خمس مراتب:

الأولى: هواء حس النفس، وهي الواردات التي لا قدرة للعبد على دفعها، فلا مؤاخذة عليها (٢) كما لا ثواب عليها إذ مناط الثواب، والعقاب الأفعال الاختيارية.

الثانية: خواطر النفس، وهو أن يجريها باختياره، ويتردد هل أفعل، أم لا أفعل؟ وهذا -أيضًا- لا يصلح مناطًا للثواب، والعقاب، لأنه لم يحكم بشيء، والتصورات الخالية عن الحكم لا يتعلق بها ثواب ولا عقاب لخلوها عن الأحكام، فحيث لا حكم لا ثواب، ولا عقاب.


(١) آخر الورقة (١٥٥/ ب من أ).
(٢) لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦].
ولحديث أبي هريرة عند أحمد، وغيره: "إن اللَّه تجاوز لأمتي عن كل شيء حدثت به أنفسها" وفي رواية: "عما حدثت به أنفسها".
راجع: مسند الإمام أحمد: ٢/ ٣٩٣، ٤٢٥، ٤٧٤، ٤٨١، ٤٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>