للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "ومن بنائهم -على التجويز المذكور- أنهم يسمون إبراهيم ذابحًا، ولهم خلاف في أن إسماعيل مذبوح، أو لا".

واعلم أن ابتناء هذه المسألة على أصل المعتزلة في غاية البعد، إذ هذه المسألة مستقلة لا تعلق لها بذلك الأصل؛ لأن الخلاف هنا بيننا وبينهم، إنما هو في جواز النسخ قبل التمكن من الفعل كما سيأتي (١).

فعندنا يجوز أن ينسخ الحكم قبل التمكن من الفعل، والدليل على ذلك قصة إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه إذ أمر بالذبح، ونسخ قبل التمكن من الفعل، وهم منعوا ذلك.

وأجابوا عن هذا الاستدلال تارة بأنه لم يؤمر إلا بمقدمات الذبح، وقد أتى بها، وتارة يقولون: بل أتى بالذبح، ويروون في ذلك خبرًا موضوعًا، وهو أنه ذُبح، ولكنْ التأم موضع الذبح، فإنه كان كلما قُطِع جزء التأم مكانه.


= قال شيخ الإسلام: "ذهب هؤلاء إلى أن الله تعالى ليس له صفة ذاتية من أفعاله، وإنما الخلق هو المخلوق، أو مجرد نسبة أو إضافة، وعند هؤلاء حال الذات التي تخلق، وترزق، ولا تخلق، ولا ترزق سواء".
راجع: خلق أفعال العباد: ص / ٧٤، ومجموع الفتاوى: ١٢/ ٤٣٦، والرد على المنطقيين: ص / ٢٢٩.
(١) في باب النسخ، وقد رد العبادي بأن حصر الشارح الخلاف في جواز النسخ قبل التمكن من الفعل ممنوع، بل وقع الخلاف في غير ذلك، ثم ذكر أمثلة على ذلك راجع: الآيات البينات: ٢/ ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>