وعلى ما اختاروه لا تعليق إذ "لو"، موضوعة لانتفاء الشرط الذي وجوده مستلزم لوجود الجزاء.
وأما الانتفاء المذكور إنما حصل من المناسبة، فلا ربط بين الانتفاءين، فتأمل! .
فإن قلت: قوله: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}[الأنفال: ٢٣] ما معناه؟ ، ومن أي قبيل هو من الواردة لبيان السببية - على ما ذهب إليه الجمهور -، أو للاستدلال؟ .
قلت: قيل: إنه للاستدلال على صورة القياس الاقتراني، أي:{وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا}، فينتج: لو علم الله فيهم خيرًا لتولوا.
واعترض: بأنه على تقدير علم الله فيهم خيرًا التولي غير ممكن.
أجيب: بأن علم الله فيهم خيرًا محال، والمحال يجوز أن يستلزم المحال.
ورده بعض الأفاضل (١): بأن "لو"، لم تستعمل في فصيح الكلام في القياس الاقتراني، وإنما تستعمل في الاستثنائي الذي يكون المستثنى فيه يقتضي التالي، نحو:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء: ٢٢]، لكن لم تفسدا، فلا آلهة، بل الآية واردة لبيان السببية، أي: سبب انتفاء
(١) جاء في هامش (أ، ب): "هو التفتازاني في مطوله" راجع المطول على التلخيص: ص/ ٧٠.