للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأظهر: أن معناها: التأكيد، والتأبيد هو المتبادر في مواطن الاستعمال، إلا لقرينة صارفة. ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا} [غافر: ٣٤]. إذ لا ريب أنهم نفوه على التأبيد.

وقول موسى - صلوات الله عليه -: {فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} [القصص: ١٧].

وقول أخي يوسف: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي} [يوسف: ٨٠].

وقوله: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} [التغابن: ٧].

وحيث قارنه التأبيد يكون نصًا في التأبيد، وبدونه ظاهرًا.

وهذه الاستعمالات الكثيرة دعوى القرينة فيها بعيد جدًا.

وأما الجواب - عن استدلال "الكشاف" (١) بها في: {لَنْ تَرَانِي} [الأعراف: ١٤٣]- واضح.

إذا قلنا: إنها ظاهرة في التأبيد يجب صرفها عن ظاهرها للدلائل الدالة على وقوع الرؤية، أو لن تراني في دار التكليف (٢).


(١) راجع الكشاف للزمخشري: ٢/ ١١٢ - ١١٤.
(٢) سيأتي الكلام على مسألة الرؤية، وبيان مذهب أهل الحق فيها في آخر الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>