ما أمر به، فلقى العلامة سعد الدين التفتازاني، وهو نازل في موضع، قاعد في خيمته، وأفراسه مربوطة قدامه، فأخذ البريد منها فرسًا، فأخبر العلامة سعد الدين بذلك، فضرب البريد ضربًا شديدًا، فغضب الأمير تيمور خان غضبًا شديدًا، ثم قال: لو كان ابنى فعل ذلك لقتلته، ولكنى كيف أقتل رجلًا ما دخلت في بلدة إلا وقد دخلها تصنيفه قبل دخول سيفى؟ ثم قال الكوراني للسلطان: إن تصانيفى تُقرأ الآن بمكة المكرمة، ولم يبلغ إليها سيفك. فقال السلطان محمد خان: نعم أيها المولى، الناس يكتبون تصانيفه، وأنت كتبت تصنيفك، وأرسلته إلى مكة المكرمة، فضحك الكوراني واستحسن هذا غاية الاستحسان.
٩ - كانت أوقاته مصروفة إلى الدرس والفتوى والتصنيف والعبادة، حكى بعض تلامذته أنه بات عنده ليلة، فلما صلى العشاء ابتدأ بقراءة القرآن من أوله، قال: وأنا نمت، ثم استيقظت، فإذا هو يقرأ، ثم نمت، فاستيقظت، فإذا هو يقرأ سورة الملك، فأتم القرآن عند طلوع الفجر، قال: سألت بعض خدامه عن ذلك، فقال: هذه عادة مستمرة له.
١٠ - كان -رحمه الله تعالى- رجلًا مهيبًا طويلًا كبير اللحية، وكان يصبغها، وهذه صفته الخلقية، بفتح المعجمة وسكون اللام.
وقد ذكر هذه الصفات السابقة صاحب "الشقائق النعمانية"، ثم قال في نهايتها: ومناقبه كثيرة لا يتحمل ذكرها هذا المختصر (١).