للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "مسألة: إن تأخر الخاصُّ عن العمل نَسَخَ العامَّ، وإلّا خَصَّصَ".

أقول: الخاص، والعام إذا تنافيا في الحكم لا يخلو إما أن يكون أحدهما متأخرًا عن الآخر، أو لا، فإن تأخر أحدهما عن الآخر، وعلم التأريخ، فإن كان المتأخر العام، يكون الخاص مخصصًا له. وإن كان المتأخر هو الخاص، فإما أن يكون متأخرًا عن العمل بالعام، أو لا، فإن كان متأخرًا، فالخاص ناسخ لذلك القدر الذي تناوله العام؛ لعدم إمكان القول بالتخصيص، لأنه تبين عدم دخول المخصص في المراد، وبعد العمل لا يمكن ذلك.

وإن لم يتأخر عن العمل، يكون مخصصًا لتقدم التخصيص على النسخ لما تقدم من الدليل عليه.

وإن لم يتأخر عن العمل، فإما أن يتأخر في النزول، أو يتقدم، أو يتقارنا، أو يجهل التأريخ، ففى الكل يخصص العام (١).

وذهب إمام الحرمين - تبعًا للحنفية -: أن العام المتأخر ناسخ إن علم التأريخ (٢)، وإن جهل، فالوقف، أو يتساقطان، الاحتمالان (٣) منقولان عنهم.


(١) راجع: المحلي على جمع الجوامع: ٢/ ٤٢، وهمع الهوامع: ص/ ٢١١، والدرر اللوامع للكمال: ق (١٧٢/ أ).
(٢) ولهذا اشترط الأحناف - في التخصيص شروطًا أهمها: أن لا يتأخر المخصص، وأن يكون المخصص مستقلًا بالكلام، وأن يكون متصلًا في الوقت ذاته بالنص العام، وإلا كان نسخًا لا تخصيصًا.
راجع: فواتح الرحموت: ١/ ٣٠٠، ٣٤٥، وإرشاد الفحول: ص/ ١٦٣، ومباحث الكتاب والسنة: ص/ ٢١٧.
(٣) وهذا أحد قولي المعتزلة، وهي رواية عن الإمام أحمد. =

<<  <  ج: ص:  >  >>