ولعل في خطبة أبي غدة هذه الدليل القاطع على أن الرجل يتظاهر بما ليس فيه فهو فيها مثلًا يجوز التوسل الذي أنكره صاحب الإمامة الملموسة عنده تبعًا للأئمة الثلاثة كما سبق، فلما سألته عنه في جملة الأسئلة السبعة لم يجب بأنه موافق - لأنه يعلم أنه لو فعل قال فيه أهل بلده: صبأ وتوهب! وإن صرح بالجواز في بلد وظيفته كما صرح به في خطبته في بلده تبين لكل ذي عينين أنه ... وربما صرف عن وظيفته!
ثالثًا- إصراره على الاتهام:
لا يزال أبو غدة مصرًّا على اتهامه للسلفيين بما نسبته إليه سابقًا في المقدمة (ص ٤٤) من قوله في بعض خطبه في حلب:
«إن هؤلاء الوهابيين تتقزز نفوسهم أو تشمئز حينما يذكر اسم محمد صلى الله عليه وسلم. ومن الواضح عنده أن الوهابيين عنده -وهو يخطب في حلب- إنما يعني بهم السلفيين في حلب وغيرها من البلاد السعودية الذين أقضوا مضجعه بدعوتهم الناس إلى الكتاب والسنة، ومحاربة الشرك والبدعة، فقام أبو غدة يشهر بهم ويشنع عليهم بمثل هذا البهت والافتراء الذي لو صح في أحد لا سمح الله لكان ردة عن الدين والعياذ بالله، ومع ذلك فقد أصر أبو غدة عامله الله بما يستحق على هذا الاتهام الباطل، وذلك بشيء من المكر والدوران وكثير من الخبث وسوء القصد، فقد نقل في كلماته (ص ٧) ما سبق نسبته إليه من المصدر الذي كنت نقلته عنه بزيادة سطرين كنت أعرضت عنهما اختصارًا، ثم نقلهما مع السطر المذكور للرد عليه أبو غدة نفسه فكان في ذلك كالباحث عن حتفه بظلفه» وهما: