قد رماه أعداؤه بأنه شاعر، ساحر مجنون، أفليس من باب أولى أن يرمي أعداءُ السنة أهلَ السنة بما هم منه براء. ولئن كان يصعب عليهم أن يصدقوا بهذه التهم الكاذبة الصادرة من أبي غدة بحجة أنه غير مسطور في شيء من كتبه، فليعلموا أن الحجة تقوم بغير الكتب أيضًا حتى عند أبي غدة نفسه فقد قال في «كلماته»(ص ٢١):
«على أني أتحدى أي إنسان أن يثبت أني قلت شيئًا من هذا الذي ادعوه زورًا وبهتانًا -في كتبي ودروسي- أو فيما صنفت أو ألفت».
والتهمة الأولى -تهمة التقزز- يكفي في إثبات صدورها من أبي غدة إقراره إياها وعدم مبادرته إلى إنكارها كما سبق، ولو فرضنا أنه تدارك الأمر بعدما ألزمناه به من تكفيره للسلفيين، وعلى حد المثل السائر «في الصيف ضيعت اللبن» عند ذلك تبرز أسماء شهود عيان عدول يشهدون عليه بذلك، ولذلك فخير له أن يعترف بأن تصريحه بذلك كان زلة أغواه الشيطان بها، فهو يتوب منها، ولعله فاعل فإن لم يفعل فهو الكبر نفسه الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا يدخل الجنة من كان في قلبة مثال ذرة من كبر» ثم فسره بقوله: «الكبر بطر الحق (أي رده بعد ظهوره) وغمط الناس» أي الطعن فيهم بغير حق تمامًا كما فعل أبو غدة هداه الله.
والتهمة الأخرى صوته بها مسجل عندنا كما ذكرنا ففي ذلك أكبر إثبات لها وإدانة له بها.
ثم ما لنا نذهب بعيدًا، فهذا دكتور من الدكاترة والمدرسين في كلية من كليات الشريعة يقول في كتاب له مطبوع