فأقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، وزور جسيم، من مثل هذا الأفاك الأثيم، فإنه يعلم أننا على النقيض من ذلك مما هو مطبوع في كثير من مؤلفاتي وبخاصة مقدمتي لكتابي «صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها» وهي في تسع وخمسين صفحة. طبعت منذ سنين عدة مرات وأبو غدة على علم بها قطعًا، ولكن صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا لم تستح فاصنع ما شئت» ولا بأس من أن أقتطف منها ما يناسب المقام، فقد قلت فيها (ص ٢٦) بعد الاعتذار لأبي حنيفة رحمه الله تعالى عما وقع له من المخالفة لبعض الأحاديث الصحيحة، مع أمره أتباعه بالعمل بما صح منها عندهم في نصوص كثيرة ثابتة عنه:
«قلت: فإذا كان هذا عذر أبي حنيفة فيما وقع منه من المخالفة للأحاديث الصحيحة دون قصد -وهو عذر مقبول مطلقًا لأن الله تعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها- فلا يجوز الطعن فيه بسببها كما قد يفعل بعض الجهال، بل يجب التأدب معه لأنه إمام من أئمة المسلمين الذين بهم حفظ هذا الدين ووصل إلينا، ما وصل من فروعه، وأنه مأجور على كل حال أصاب أم أخطأ، كما أنه لا يجوز لمعظميه أن يظلوا متمسكين بأقواله المخالفة للأحاديث لأنها ليست من مذهبه كما رأيت نصوصه في ذلك، فهؤلاء في واد وأولئك في واد، والحق بين هؤلاء وهؤلاء {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ، وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا، رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.
هذا طرف مما ذكرته هناك من الثناء على الأئمة المتبوعين والذب عن بعضهم وما يجب أن يكون عليه