ثم ركز أبو غدة كلامه على قول التهانوي:«وأين لابن تيمية أن يكون كتراب نعله» وانتقده في هذه العبارة وكتب إلى التهانوي بذلك حتى رجع عنها.
فيلاحظ القارئ الكريم أن أبا غدة إنما عني بناحية شكلية متوسلًا بذلك إلى إظهار توقيره لشيخ الإسلام ابن تيمية وعدم تكفيره إياه، وفاته أن الأولى بانتقاده للتهانوي هو زعمه أن درجة الطحاوي في علم الحديث فوق آلاف من مثل ابن تيمية» وقوله فيه إنه من المتشددين، فإعراض أبو غدة عن انتقاده في هذين الأمرين لهو أكبر دليل على موافقته إياه فيهما، ويؤيده ما سبق نقله عن أبي غدة من حشره لابن تيمية في زمرة المتشددين تبعًا لشيخه الكوثري فأين ما زعمه من الإجلال والتوقير لابن تيمية وهو ينظر إليه بتلك النظرة المزرية المنحطة في الحديث، وأنه من المتشددين؟ !
واعلم أيها القارئ الكريم أننا لا نستبعد أن يكون أبو غدة معظمًا لابن تيمية في صفة من الصفات القائمة به كزهده وعلمه في التفسير والحديث والأصول وغيرها وصبره على البلاء والمحن وعليه فما يدعيه من الثناء على ابن تيمية والدفاع عنه فهو من هذه الحيثية. وهذا بطبيعة الحال لا ينافي أنه يعتقد فيه أنه ضال منحرف عن العقيدة كالتجسيم وغيره مما يتهمه به شيخه الكوثري، فهذا شيء وذاك شيء آخر، وقد يلمح المتأمل في كلامه شيئًا من هذا، فقد نقل ص ٢٨ - ٢٩ من كلماته تعليقًا له في بعض الكتب في الثناء على ابن تيمية وصبره في سجنه وعقب على ذلك بقوله:
«ورحمه الله تعالى ورزقنا التأسي به فيما يلم من محن وابتلاء واعتداء وافتراء» فلم يطلب أن يرزق التأسي