على الاجتهاد والرأي، ودلت السنة على خطئها، فالمخطئ فيها مأجور أجرًا واحدًا، ولذلك لما جمع العلامة ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى المسائل التي خالف مذهب كل واحد من الأئمة الأربعة الحديث الصحيح انفرادًا واجتماعًا في مجلد ضخم ذكر في أوله أن نسبة هذه المسائل إلى الأئمة المجتهدين حرام وأنه يجب على الفقهاء المقلدين لهم معرفتها لئلا يعزوها إليهم، فيكذبوا عليهم (١). من أجل ذلك صح عن الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى النهي عن تقليدهم، والأمر بالرجوع إلى الكتاب والسنة كما هو مفصل في أول كتابي «صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم» وغيره، وفيه بيان الموقف الوسط الذي ينبغي على المسلم أن يقفه تجاه الأئمة رحمهم الله تعالى، وأبو غدة على علم بذلك، ولكنه يكابر على عادته وينسب إلي ما هو نفسه على علم ببطلانه فالله حسيبه.
من أجل هذا النوع من المسائل المخالفة للسنة لدى كل مذهب من المذاهب الأربعة فضلًا عن غيرها لا يجوز القول بأنها هي الكتاب والسنة، وأنها بكل ما فيها من تفاصيل وأخطاء هي من شرعنا. وإذا كان الإمام ابن دقيق العيد يحرم كما سبق نسبة هذه المسائل إلى الأئمة الأربعة، فكيف يجوز نسبتها إلى الشرع الإسلامي؟ !
ولذلك برأت عيسى عليه السلام أن يحكم بمذهب من المذاهب حين قلت تعليقًا على قول الإمام ابن أبي ذئب الراوي لحديث:«كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم فأمكم منكم» قال ابن أبي ذئب مفسرًا له:
«فأمكم بكتاب ربكم وسنة نبيكم» فقلت تعليقًا عليه:
(١) «إيقاظ الهمم» للشيخ صالح الفلاني رحمة الله عليه.