للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن مشي على نظم صلاة نفسه بطل إن تعمد، وعلم التحريم، وإلا فلا لكن لا اعتداد بما أتى به، ولا يعيد القراءة إن وافقه في القيام، أما إذا جلس الإمام للتشهد ولم يتم المأموم الفاتحة، أو أتمها فجلس معه كما هو الواجب عليه ثم قام الإمام إلى الركعة الأخرى فهل يبني المأموم في الأولى على ما قرأه من الفاتحة في الركعة السابقة وبعدها في الثانية الوجه أنه [ق١٨٧/ب] لا يجوز البناء؛ لانقطاع قراءته بمفارقة ذلك القيام إلى قيام آخر من ركعة أخرى ويعيدها في الثانية بخلاف ما إذا سجد لتلاوة في أثناء الفاتحة كان تابع إمامه فيها برجوعه بعد السجود معه إلى قيام تلك الركعة بعينه.

وأما لو قام الإمام والمأموم في القيام فلا يبعد حينئذ بناؤه على قراءته لعدم مفارقته حينئذ قيامه (١) نبه على ذلك ابن قاسم (٢) في حواشي ابن حجر (٣)، واعتمد البناء في المسألتين، ونقله عن ابن العماد في القول التمام (٤) قال الشبراملسي بعد نقله ذلك: أقول وهذا هو الأقرب والقلب إليه أميل.

وفي القليوبي (٥) على الجلال (٦): وهل يبدئ لها أي لقيام الثانية قراءة أو يكتفي بقراءة الأولى عنها اعتمد شيخنا الثاني إذا لم يجلس وعليه لو فرغ مما لزمه قبل الركوع ركع معه، وفي شرح شيخنا ترجيح الأول وتبعه جماعه وعليه فيترك ما بقي مما لزمه ويشرع في قراءة جديدة للثانية ويأتي فيها ما وقع له في الأولى وهكذا على الثاني أيضا لو لم يفرغ مما لزمه إلا في الرابعة تبعه ويغتفر له في كل ركعة ثلاثة أركان؛ لأنه بموافقة الإمام في أول القيام تجدد له حكم مستقل وإن لم يقصد موافقته بل وإن قصد [ق١٨٨/أ] مخالفته. أهـ (٧)

وعبارة ابن قاسم: واعلم أنه هل يشترط التبعية أو يشترط أن لا يقصد البقاء على نظم صلاة نفسه أو لا يشترط شئ من ذلك الذي يظهر الثالث فلا يشترط قد (٨) التبعية ولا عدم قصد البقاء على نظم صلاته بل يكفي وجود التبعية بالفعل (٩) (١٠) بأن يستمر معه ولا يمشي على نظم صلاته بل لو قصد بعد تلبس الإمام بالقيام المشي على نظم صلاته ينبغي ألا تبطل صلاته بمجرد هذا القصد؛ لأن مجرد القصد المبطل لا يبطل كما لو قصد أن يخطو ثلاث خطوات متوالية (١١) لم تبطل صلاته قبل الشروع. بقي أنه إذا كان ركع الإمام ورفع قبل إتمام ما عليه فأتمه وركع هل يكون مدركا للركعة؛ لأن الركعتين في حقه كالركعة الواحدة وقد كان موافقا أو له حكم المسبوق فيه نظر. وقد يتجه الأول سيما وقد أدرك هذه الركعة مع الإمام من ابتداءها ومن أدرك مع الإمام الركعة من ابتداءها لا يكون إلا موافقا فليحرر. وكذا لو أسرع الإمام قراءته وركع قبل إتمام ما عليه هل يتخلف كبطيء القراءة فيه نظر فليحرر قاله ابن قاسم (١٢) ومقتضى قول الرملي فيما سبق: ما لم يسبق بالأكثر أيضا يقتضي أنه في الركعة الثانية


(١) إعانة الطالبين (٢/ ٤١)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج (٢/ ٣٤٧)، حاشية الجمل على شرح المنهج (١/ ٥٧٥).
(٢) هو أحمد بن قاسم الصبّاغ العبّادي ثم المصري الشافعيّ الأزهري، شهاب الدين: فاضل من أهل مصر، مات بمكة مجاورا عام ٩٩٢ هـ. له حاشية على شرح جمع الجوامع في أصول الفقه سماها (الآيات البينات)، وشرح الورقات لإمام الحرمين، وحاشية على شرح المنهج، وله ترجمة في: الأعلام للزركلي (١/ ١٩٨)، شذرات الذهب (٨: ٤٣٤).
(٣) أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي السعدي الأنصاري الشافعي، شهاب الدين شيخ الإسلام، أبو العباس: فقيه باحث مصري، مولده عام ٩٠٩ هـ في محلة أبي الهيتم (من إقليم الغربية بمصر) وإليها نسبته، وتوفي عام ٩٧٤ هـ. له تصانيف كثيرة منها: (مبلغ الأرب في فضائل العرب)، (الصواعق المحرقة على أهل البدع والضلال والزندقة)، (تحفة المحتاج لشرح المنهاج)، (الفتاوي الهيتمية)، (كف الرعاع عن استماع آلات السماع)، (الزواجر عن اقتراف الكبائر) وغيرها .... انظر ترجمته في: النور السافر (ص/٢٧٨)، آداب اللغة (٣/ ٣٣٤)، الأعلام للزركلي (١/ ٢٣٤).
(٤) القول التمام في أحكام المأموم والإمام. تأليف شمس الدين محمد بن أحمد بن العماد، طبع بمكتبة القرآن بالقاهرة عام ١٩٨٩م.
(٥) أحمد بن أحمد بن سلامة، أبو العباس، شهاب الدين القليوبي، توفي أواخر شوال عام ١٠٦٩ هـ، فقيه شافعي متأدب، من أهل قليوب بمصر، له حواش وشروح ورسائل، أهم مصنفاته: تحفة الراغب، فضائل مكة والمدينة وبيت المقدس، الهداية من الضلالة في معرفة الوقت والقبلة من غير آلة، حاشية على جمع الجوامع , حاشية على شرح الجلال المحلي على منهاج النووي. وله ترجمة في: الأعلام (١/ ٨٨)، خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (١/ ١٧٥) معجم المؤلفين (١/ ١٤٨).
(٦) محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم المحلي الشافعيّ: أصولي، مفسر. مولده بالقاهرة عام ٧٩١ هـ، ووفاته بها عام ٨٦٤ هـ، عرّفه ابن العماد بتفتازاني العرب، كان مهيبا صدّاعا بالحق، يواجه بذلك الظلمة الحكام، ويأتون إليه، فلا يأذن لهم، وعرض عليه القضاء الأكبر فامتنع. وصنف كتابا في التفسير أتمه الجلال السيوطي. فسمي " تفسير الجلالين " و " كنز الراغبين "، "شرح المنهاج في فقه الشافعية" و " البدر الطالع، في حل جمع الجوامع - " وغيرها، وله ترجمة في: حسن المحاضرة (١: ٢٥٢)، وشذرات الذهب (٧: ٣٠٣)، والضوء اللامع (٧: ٣٩ - ٤١)، الأعلام (٥/ ٣٣٣).
(٧) حاشيتا قليوبي وعميرة (١/ ٢٨٦) الحاشيتان على شرح جلال الدين المحلي على المنهاج، ويشير بقوله: شيخنا الإمام الرملي كما صرح به في عدة مواضع بالحاشية.
(٨) هكذا بالأصل والصحيح قصد.
(٩) بالأصل: "كالفعل" وصوبت على هامش الصفحة وعليها علامة تصويب.
(١٠) تحفة المحتاج (٢/ ٣٤٧)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (٢/ ٢٢٦)، حاشية الجمل على شرح المنهج (١/ ٥٧٤).
(١١) قال ابن قاسم في حاشيته على "تحفة المحتاج" (٢/ ١٥٢): (يحصل البطلان بمجرد الشروع في الفعل المحقق للكثرة كتحريك الرجل للخطوة الثالثة ما لم يقصد الكثير ابتداء فتبطل بالشروع فيه كالشروع في الخطوة الأولى من ثلاث خطوات متوالية قصدها ابتداء).
(١٢) حاشية الجمل على شرح المنهج (١/ ٥٧٥).

<<  <   >  >>