وأما قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا)) يدل على أن مقام الخلة أفضل من مقام المحبة؛ فإنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يحب أبا بكر وقد نفى عنه الخلة، والله تعالى يحب أنبياءه ورسله كلهم، ولم يخص بالخلة غير محمد وإبراهيم صلى الله عليهما.
وفي ((صحيح مسلم)) ، عن ابن مسعود، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال:((ألا إني أبرأ إلى كل خل من خلته، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، وإن صاحبكم خليل الله)) .
وفي رواية له - أيضا -: ((لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكنه أخي وصاحبي، وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا)) .
وخرج مسلم - أيضا - من حديث جندب بن عبد الله: سمعت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل موته بخمس يقول:((قد كان لي منكم أخلاء وأصدقاء، وإني أبرأ إلى كل ذي خلة من خلتة، ولو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا)) .
والظاهر: أن جندب سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول ذلك في خطبته هذه، فإن كان كذلك فلعل خطبته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانت يوم الأربعاء؛ فإنه توفي يوم الاثنين، واشتد وجعه يوم الخميس، كما قال ذلك ابن عباس، فالظاهر أنه لم يخرج