لأهل السنة في هذه المسألة أصول وقواعد تقررت من استقراء النصوص، وكليات الأدلة التي جاءت متعاضدة متضافرة يصدق بعضها بعضاً، حتى أصبحت كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً.
وانطلق القوم من تلك الأصول المحررة والقواعد المقررة حاكمين: بأن العقل فيه حسن التوحيد ووجوبه، وحل الطيبات، وفيه بغض الشرك والخبائث وحرمتها، وأنه يستحيل على الله أن تأتي شرائعه على خلاف مقتضى العقول والفطر. وذلك لما يلي:
* من المستحيل في أدنى العقول تعقلاً: أن يأخذ الله من البشرية جميعا قبل الخلق وهم في عالم الذر ميثاقا وثيقاً وعهداً غليظاً على أن يعبدوه وحده لا شريك له، ويجعل أثر هذا الميثاق في فطرهم، ويركز في عقولهم البراهين الباهرة على محتواه ومقتضاه، ويجعل المولى جل في علاه أخذه إقامة الحجة على من لم يوف به، ثم يرسل رسله وينزل كتبه آمرة بنقض كافة العهود وسائر المواثيق!!! أليس هذا سوء ظن بالله وبربوبيته وغناه؟!.
فـ "الحكمة: وضع الأشياء في مواضعها، والظلم: وضع الشيء في غير موضعه"(١).
"والحكيم إذا أمر بأمر كان المأمور به حسناً في نفسه، وإذا نهى عن شيء كان المنهي عنه قبيحاً في نفسه، وإذا أخبر بخبر كان صدقا، وإذا فعل فعلاً كان صواباً، وإذا أراد شيئا كان أولى بالإرادة من غيره. وهذا الوصف على