للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن عطاء قال: نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ). فقال كفار قريش بمكة: كيف يسع الناس إله واحد؟ فأنزل الله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ - إلى قوله - لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).

فبهذا يعلمون أنه إله واحد، وأنه إله كل شيء وخالق كل شيء" (١) أ. هـ.

فالآيات الكونية من أعظم وأجل الحجج والبراهين الدالة دلالة باهرة: على معرفة الخالق وتفرده بالألوهة، وعلى بطلان تأله المخلوقين المربوبين المحدثين، العاجزين عن الخلق والتكوين.

ولذلك أمر الله عز وجل بالنظر إليها والتدبر والإمعان في دلالتها. قال تعالى (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (٢)، وأنكر على من أعرض عنها ولم يع برهانها بقوله (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) (٣).

قال الإمام الطبري: "يقول جل وعز: كم من آية في السموات والأرض لله، وعبرة وحجة، وذلك كالشمس والقمر والنجوم، ونحو ذلك من آيات السموات، وكالجبال والبحار والنبات والأشجار وغير ذلك من آيات الأرض. (يَمُرُّونَ عَلَيْهَا) يقول: يعاينونها فيمرون بها معرضين عنها لا يعتبرون بها، ولا يفكرون فيها، وفيما دلت عليه من توحيد ربها، وأن الألوهة لا تنبغي إلا للواحد القهار الذي خلقها وخلق كل شيء" (٤) أ. هـ.


(١) تفسير القرآن العظيم: (١/ ٢٩٠).
(٢) سورة يونس، الآية: ١٠١.
(٣) سورة يوسف، الآية: ١٠٥.
(٤) جامع البيان: (١٣/ ٥١).

<<  <   >  >>