للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبل إنذاره إياهم (١)

وقال عن هود: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ، يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ، وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) [هود: ٥٠ - ٥٢].

فأخبر في أول خطابه: أنهم مفترون. بأكثر الذي كانوا عليه، كما قال لهم في الآية الأخرى: (أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) (٢).

وكذلك قال صالح: (يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) (٣).

وكذلك قال لوط لقومه: (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ) (٤). فدل على أنها كانت فاحشة عندهم قبل أن ينهاهم. بخلاف قول من يقول: ما كانت فاحشة، ولا قبيحة، ولا سيئة حتى نهاهم عنها؛ ولهذا قال لهم: (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) (٥). وهذا خطاب لمن يعرفون قبح ما يفعلون، ولكن أنذرهم بالعذاب.

وكذلك قول شعيب: (أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (٦). بين أن ما فعلوه كان بخسا لهم أشياءهم، وأنهم كانوا عاثين في الأرض مفسدين قبل أن ينهاهم؛ بخلاف


(١) قال الشوكاني: (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) هذا جواب الأمر، ومن للتبعيض، أي: بعض ذنوبكم وهو ما سلف منها قبل طاعة الرسول وإجابة دعوته. أ. هـ. فتح القدير (٥/ ٢٩٧). ويراجع في ذات المعنى: الطبري والقرطبي والبغوي ومحاسن التأويل ونظم الدر .. وغيرهم ..
(٢) سورة الأعراف، الآية: ٧١.
(٣) سورة هود، الآية: ٦١.
(٤) سورة الأعراف، الآية: ٨٠.
(٥) سورة العنكبوت، الآية: ٢٩.
(٦) سورة هود، الآية: ٨٥.

<<  <   >  >>