للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكافر إذا تاب من الكفر ولم يعزم على عدم العود إلى الفاحشة لا يكون تائبا منها فلا تسقط عنه المطالبة بها. والجواب عن الجمهور أن هذا خاص بالمسلم وأما الكافر فإنه يكون بإسلامه (١) كيوم ولدته أمه، والأخبار دالة على ذلك كحديث أسامة لما أنكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -: قتل الذي قال: لا إله إلا الله حتى قال في آخره "حتى تمنيت أنني كنت أسلمت يومئذ" (٢) أ. هـ.

فها هي نقول كبراء أهل العلم وفحول السلف شاهدة بسوء أعمال المشركين وقبح أفعالهم قبل البيان، وأنها معاصي وذنوب، ويجب على أصحابها التوبة منها، والانخلاع من شرها.

وبهذا البيان يمكننا الاهتداء إلى علة مقت الله لأهل الأرض عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب، قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم: - وقبل نزول القرآن.

أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ... وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب" (٣).

قال الإمام النووي: "المقت: أشد البغض؛ والمراد بهذا المقت والنظر: ما قبل بعثة رسول الله صلى الله عليهم وسلم -. والمراد ببقايا أهل الكتاب: الباقون على التمسك بدينهم الحق من غير تبديل (٤) أ. هـ.

وهذا المقت والبغض للمشركين، والازدراء على أفعالهم المشينة، ومطالبتهم بوجوب التوبة منها والانخلاع عنها، كان في وقت فترت فيه


(١) يراجع: كلام شيخ الإسلام في ذلك والذي جاء فيه - معناه - أن الإسلام المعهود بين الصحابة - ساعة التحدث بهذا الحديث - هو الإسلام الملزم لصاحبه: بفعل ما أمر الله به، وترك ما نهى عنه.
(٢) فتح الباري: (١٢/ ٢٧٨: ٢٧٩).
(٣) صحيح مسلم - كتاب الجنة برقم /٦٣ وأخرجه الإمام أحمد في مسنده (٤/ ١٦٢).
(٤) صحيح مسلم بشرح النووي (١٧/ ١٩٧: ١٩٨).

<<  <   >  >>