للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرسالات، وطمست فيه السبل، ولم تكن لديهم بقايا ملة من الملل، أو آثارة من علم تقم بها الحجة عليهم.

قال الإمام الشنقيطي في هذا المعنى:

"قوله تعالى: (وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا) [آل عمران: ١٠٣]. هذه الآية الكريمة تدل على: أن الأنصار ما كان بينهم وبين النار إلا أن يموتوا مع أنهم كانوا أهل فترة، والله تعالى يقول: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً). ويقول: (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) [النساء: ١٦٥]، وقد بين تعالى هذه الحجة بقوله في سورة طه: (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى) [طه: ١٣٤].

والآيات بمثل هذا كثيرة، والذي يظهر في الجواب والله تعالى أعلم: أنه برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - لم يبق عذر لأحد، فكل من لم يؤمن به فليس بينه وبين النار إلا أن يموت.

كما بينه تعالى بقوله: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) [هود: ١٧]. وما أجاب به بعضهم من أن عندهم بقية من إنذار الرسل الماضين، تلزمهم بها الحجة فهو جواب باطل، لأن نصوص القرآن مصرحة: بأنهم لم يأتهم نذير كقوله تعالى: (لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ) [يس:٦] وقوله: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) [السجدة: ٣]. وقوله: (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) [القصص: ٤٦] وقوله: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ) [المائدة: ١٩] وقوله تعالى:

<<  <   >  >>