للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالحقيقتين أو إحداهما أوقع كثيراً من الناس في الشرك، وعبادة الصالحين لعدم معرفة الحقائق وتصورها" (١).

وقال يحيى بن معاذ الرازي "اختلاف الناس كلهم يرجع إلى ثلاثة أصول فلكل واحد منها ضد، فمن سقط عنه وقع في ضده: التوحيد وضده الشرك، والسنة وضدها البدعة، والطاعة وضدها المعصية" (٢). أ. هـ.

وأرى الآن أن المقام سيحتم على البعض الهرولة إلى قضايا الأعيان والجواب: من المعلوم جلياً لدى المنصفين والمخلصين، الين تجردوا من حظوظ النفس وأهوائها ونجوا من تلبيس الشياطين: أن قضايا الأعيان لا تنهض على معارضة القواعد العامة، والأصول الكلية المقررة من استقراء أدلة كثيرة تفوت الحصر - قد ساقها الشارع متضافرة لبناء قاعدة كلية تحفظ بها دعائم الدين، ويفرق بها بين أهل السنة والمبتدعين في مناهج النظر، ويلجأ إليها الفقيه لاستنباط الأحكام، وتفريع الفروع، واستخراج العلل، وتنقيح المناطات، ورد الجزئيات لكلياتها. فالشارع الحكيم لم ينص على قضايا الأعيان إلا مع الحفاظ على القواعد الكلية، وعدم نقضها بإلغاء ما تقرر من مقاصدها.

قال الشاطبي: "إذا ثبتت قاعدة عامة أو مطلقة فلا تؤثر فيها معارضة قضايا الأعيان، ولا حكايات الأحوال. والدليل على ذلك أمور ...

(الثالث) أن قضايا الأعيان جزئية، والقواعد المطردة كليات، ولا تنهض الجزئيات أن تنقض الكليات.

ولذلك تبقى أحكام الكليات جارية في الجزئيات وإن لم يظهر فيها معنى الكليات على الخصوص" (٣). أ. هـ.


(١) منهاج التأسيس والتقديس في كشف شبهات داود بن جرجيس /١٢.
(٢) الاعتصام للإمام الشاطبي (١/ ٩١).
(٣) الموافقات: (٣/ ٢٦٢).

<<  <   >  >>