للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل أحد يذكره ليكون حجة عليه. فإن قيل: إخبار الرسول به كاف في وجوده فالجواب: أن المكذبين من المشركين يكذبون بجميع ما جاءت به الرسل من هذا وغيره. وهذا جعل حجة مستقلة عليهم، فدل على أنه الفطرة التي فطروا عليها من الإقرار بالتوحيد، ولهذا قال: (أَنْ تَقُولُوا) أي: لئلا يقولوا يوم القيامة: (إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ)، أي: عن التوحيد غافلين. (أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا) الآية" (١) أ. هـ.

وقال الفخر الرازي: (أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ) قال المفسرون: المعنى أن المقصود من هذا الإشهاد أن لا يقول الكفار: إنما اشركنا لأن آباءنا أشركوا، فقلدناهم في ذلك الشرك، وهو المراد من قوله (أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) والحاصل: أنه تعالى لما أخذ عليهم الميثاق امتنع عليهم التمسك بهذا العذر. وأما الذين حملوا الآية على أن المراد منه مجرد نصب الدلائل، قالوا: معنى الآية أنا نصبنا هذه الدلائل، وأظهرناها للعقول كراهة أن يقولوا يوم القيامة (إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ)، فما نبهنا عليه منبه، أو كراهة أن يقولوا: إنما أشركنا على سبيل التقليد لأسلافنا، لأن نصب الأدلة على التوحيد قائم معهم، فلا عذر لهم في الإعراض عنه، والإقبال على التقليد والاقتداء بالآباء" (٢).أ. هـ.

وقال القرطبي: (أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ)، بمعنى لست تفعل هذا، ولا عذر للمقلد في التوحيد" (٣) أ. هـ.

وقال القاسمي: "تنبيهات - الثاني - تدل الآية على فساد التقليد في


(١) تفسير القرآن العظيم (٣/ ٥٠٦).
(٢) التفسير الكبير (١٥/ ٤٤).
(٣) الجامع لأحكام القرآن، (١٤/ ٣٠).

<<  <   >  >>