للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبواه يفسدان ذلك - فيهودانه، وينصرانه، ويمجسانه، ويشركانه، وكذلك يجهمانه - فيجعلانه منكراً لما في قلبه من معرفة الرب ومحبته وتوحيده.

ولهذا كانت الرسل إنما تأتي بتذكير الفطرة ما هو معلوم لها، وتقويته وإمداده، ونفي المغيّر للفطرة.

فالرسل بعثوا بتقرير الفطرة وتكميلها، لا بتغيير الفطرة وتحويلها. والكمال يحصل بالفطرة المكمّلة بالشرعة المنزلة" (١) أ. هـ.

وقال رحمه الله أيضاً: "فالله سبحانه فطر عباده على محبته وعبادته وحده؛ فإذا تركت الفطرة بلا فساد كان القلب عارفاً بالله، محباً له، عابداً له وحده.

لكن تفسد فطرته من مرضه كأبويه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، وهذه كلها تغير فطرته التي فطره عليها، وإن كانت بقضاء الله وقدره - كما يغير البدن بالجدْع - ثم قد يعود إلى الفطرة إذا يسر الله تعالى لها من يسعى في إعادتها إلى الفطرة" (٢) أ. هـ.

وقال أيضاً: "وأصل الدين الذي هو عبادة الله الذي أصله الحب والإنابة والإعراض عما سواه، وهو الفطرة التي فطر عليها الناس" (٣) أ. هـ.

وقال رحمه الله: "الدلائل الدالة على أنه أراد على فطرة الإسلام كثيرة كألفاظ الحديث التي في الصحيح، مثل قوله "على الملة"، "وعلى هذه الملة" ومثل قوله في حديث عياض بن حمار: "خلقت عبادي حنفاء كلهم" وفي لفظ "حنفاء مسلمين"، ومثل تفسير أبي هريرة وغيره من رواة الحديث ذلك، وهم أعلم بما سنمعوا" (٤) أ. هـ.

وقال ابن القيم: "قال شيخنا - أي ابن تيمية -: والإجماع والآثار المنقولة عن


(١) مجموع الفتاوى (١٦/ ٣٤٤ - ٣٤٦).
(٢) مجموع الفتاوى (١٠/ ١٣٥).
(٣) مجموع الفتاوى (١٥/ ٤٣٨).
(٤) درء تعارض العقل والنقل (٨/ ٣٧١).

<<  <   >  >>