للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واجبا لها. فإن كان الثاني لم يكن فرق بين الكفر والإيمان بالنسبة إليها، أو كلاهما ممكن لها؛ فثبت أن المعرفة لازمة لها إلا أن يعارضها معارض.

فإن قيل: ليست موجبة مستلزمة للمعرفة ولكن هيء إليها الميل مع قبولها للنكرة.

قيل: فحينئذ إذا لم تستلزم المعرفة وجدت تارة، وعدمت تارة، وهي وحدها لا يحصلها؛ فلا تحصل إلا بشخص آخر كالأبوين فيكون الإسلام والتهويد والتنصير والتمجيس. ومعلوم أن هذه أنواع بعضها أبعد عن الفطرة من بعض كالتمجيس، فإن لم تكن الفطرة مقتضية للإسلام صار نسبتها إلى ذلك كنسبة التهويد والتنصير إلى التمجيس؛ فوجب أن يذكر كما ذكر ذلك، ويكون هذا كمكون الفطرة لا يقضى الرضاع إلا بسبب منفصل وليس كذلك، بل الطفل يختار مص اللبن؛ بنفسه فإذا مُكن من الثدي وجدت الرضاعة لا محالة؛ فارتضاعه ضروري إذا لم يوجد معارض، وهو مولود على أن يرضع؛ فكذلك هو مولود على أن يعرف الله؛ والمعرفة ضرورية لا محالة إذا لم يوجد معارض. وأيضا: فإن حب النفس لله، وخضوعها له، وإخلاصها له مع الكفر به، والشرك، والإعراض عنه، ونسيان ذكره إما أن يكون نسبتهما إلى الفطرة سواء، أو الفطرة مقتضية للأول دون الثاني.

فإن كانا سواء لزم انتفاء المدح كما تقدم، وإن لم يكن فرق بين: دعائها إلى الكفر، ودعائها إلى الإيمان، ويكون تمجيسها كتحنيفها؛ وقد عرف بطلان هذا.

وإن كان فيها مقتض لهذا: فإما أن يكون المقتضي مستلزماً لمقتضاه عند عدم المعارض، وإما أن يكون متوقفا على شخص خارج عنها؛ فإن كان الأول ثبت ذلك من لوازمها، وأنها مفطورة عليه، لا يفقد إلا إذا فسدت الفطرة؛ وإن قدر أنه متوقف على شخص فذلك الشخص هو الذي يجعلها حنيفية كما يجعلها مجوسية، وحينئذ فلا فرق بين هذا وهذا. وإذا قيل: هي إلى الحنيفية

<<  <   >  >>