فقد تبين دلالة الكتاب والسنة والآثار واتفاق السلف على: أن الخلق مفطورون على دين الله - الذي هو معرفته، والإقرار به، ومحبته والخضوع له - وأن ذلك موجب فطرتهم ومقتضاها يجب حصوله فيها إن لم يحصل ما يعارضه ويقتضي حصول ضده، وأن حصول ذلك فيها لا يقف على وجود شرط بل على انتفاء المانع؛ فإذا لم يوجد فهو لوجود منافيه لا لعدم مقتضيه، ولهذا لم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - لوجود الفطرة شرطا بل ذكر ما يمنع موجبها حيث قال "فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه" فحصول هذا التهويد والتنصير موقوف على أسباب خارجة عن الفطرة، وحصول الحنيفية والإخلاص ومعرفة الرب والخضوع له لا يتوقف أصله على غير الفطرة؛ وإن توقف كماله وتفصيله على غيرها وبالله التوفيق". (١) أ. هـ.
(١) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل/ ص: ٣٠٠ - ٣٠٣.