للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه". فكانت الفطرة الموجبة للإسلام سابقة للتربية التي يحتجون بها" (١) أ. هـ.

وقال ابن القيم في ذات المعنى: "فإنه لو قدر أنهم لم يكونوا عارفين بأن الله ربهم، ووجدوا آباءهم مشركين، وهم ذرية من بعدهم؛ ومقتضى الطبيعة العادية أن يحتذي الرجل حذو أبيه حتى في الصناعات والمساكن والملابس والمطاعم؛ إذ كان هو الذي رباه، ولهذا كان أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، فإذا كان هذا مقتضى العادة والطبيعة، ولم يكن في فطرهم وعقولهم ما يناقض ذلك، قالوا: نحن معذورون، وآباؤنا الذين أشركوا، ونحن كنا ذرية لهم بعدهم، ولم يكن عندما ما يبين خطأهم. فإذا كان في فطرهم ما شهدوا به من أن الله وحده هو ربهم، كان معهم ما يبين بطلان هذا الشرك، وهو التوحيد الذي شهدوا به على أنفسهم. فإذا احتجوا بالعادة الطبيعية من اتباع الآباء كانت الحجة عليهم: الفطرة الطبيعية الفعلية السابقة لهذه العادة الطارئة، وكانت الفطرة الموجبة للإسلام سابقة للتربية التي يحتجون بها (٢) " أ. هـ.

وقال ابن كثير: "وهذا جعل حجة مستقلة عليهم - أي الميثاق حجة مستقلة في بطلان الشرك - فدل على أنه: الفطرة التي فطروا عليها من الإقرار بالتوحيد" (٣) أ. هـ.

وقال رحمه الله في تأويل قوله تعالى: (وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ) (٤): (وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ) أي: لأكثر الأمم.

(مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ) أي: لقد وجدنا أكثرهم


(١) درء تعارض العقل والنقل (٨/ ٤٩٠).
(٢) أحكام أهل الذمة (٢/ ٥٦٣).
(٣) تفسير القرآن العظيم (٣/ ٥٠٦) أثناء تأويله لآية الميثاق.
(٤) سورة الأعراف، الآية: ١٠٢.

<<  <   >  >>