للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غيرهم ولا يكون أحد مثلهم. فقال: (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) بالوحي الذي أنزل الله فيه المسائل المهمة، ودلائلها الظاهرة، فتيقن تلك البية.

(وَيَتْلُوهُ) أي: يتلو هذه البينة والبرهان، برهان آخر (شَاهِدٌ مِنْهُ) وهو: شاهد الفطرة المستقيمة، والعقل الصحيح حين شهد حقيقة ما أوحاه الله وشرعه، وعلم بعقله حسنه، فازداد بذلك إيماناً إلى إيمانه". (١) أ. هـ.

وقال ابن القيم في قوله تعالى (نُورٌ عَلَى نُورٍ) (٢).

فأخبر سبحانه عن مثل نور الإيمان به وبأسمائه وصفاته وأفعاله، وصدق رسله في قلوب عباده، وموافقة ذلك لنور عقولهم وفطرهم التي أبصروا بها نور الإيمان بهذا المثل المتضمن لأعلى أنواع النور المشهود، وأنه نور على نور، نور الوحي ونور العقل؛ نور الشرعة ونور الفطرة؛ نور الأدلة السمعية ونور الأدلة العقلية" (٣). أ. هـ.

وقال ابن تيمية: "الحادي عشر (٤)؛ أن النبي هو وسائر المؤمنين لا يخبرون إلا بحق، ولا يأمرون إلا بعدل؛ فيأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويأمرون بمصالح العباد في المعاش والمعاد، لا يأمرن بالفواحش، ولا الظلم، ولا الشرك، ولا القول بغير علم.

فهم بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها لا بتبديلها وتغييرها، فلا يأمرون إلا بما يوافق المعروف في العقول الذي تتلقاه القلوب السليمة بالقبول، فكما أنهم هم لا يختلفون فلا يناقض بعضهم بعضاً، بل دينهم وملتهم واحد، وإن تنوعت الشرائع فهم أيضاً موافقون لموجب الفطرة التي فطر الله عليها عباده، موافقون للأدلة العقلية لا يناقضونها قط، بل الأدلة العقلية الصحيحة كلها توافق الأنبياء


(١) تيسير الكريم الرحمن (٢/ ٣٥٨).
(٢) سورة النور، من الآية: ٣٥.
(٣) بدائع التفسير (٣/ ٢٧٢).
(٤) أي من الفروق بين الأنبياء، وبين السحرة والكهان.

<<  <   >  >>