للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا تخالفهم، وآيات الله، السمعية والعقلية والعيانية السماعية كلها متوافقة متصادقة متعاضدة لا يناقض بعضها بعضا" (١) أ. هـ.

وبعد ما حررت مقتضى الفطرة، وموجبها ولوازمها من خلال الأدلة الدالة عليها من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وأئمتها الذين هم: أئمة الهدى ومصابيح الدجى، وشموس الفلاح، ونجوم الحيارى، وبر النجاة. وتبين أن عامة السلف وجمهرة العلماء قائلون بأن الله فطر عباده وجبلهم على وجوب عبادته (٢)، وعلى الكفر والبراءة من كل معبود سواه.

وبذلك تكون الأدلة قد اتضحت، والأعلام قد انتصبت، ولاح نور الفرقان. وعليه أذكر - على عجالة بمشيئة الله - الأقوال الأخرى في معنى الفطرة وبيان: التعقبات عليها.

قال قوم: المولود على فطرة الإسلام من كان أبواه مسلمين دون غيره ممن نشأ بين أبوين كافرين، والجواب:

قال الحافظ: "قوله (يولد على الفطرة) ظاهره تعميم الوصف المذكور في جميع المولودين، وأصرح منه رواية يونس المتقدمة بلفظ "ما من مولود إلا يولد على الفطرة"، ولمسلم من طريق أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ "ليس من مولود يولد إلا على هذه الفطرة حتى يعبر عنه لسانه"، وفي رواية له من هذا الوجه "ما من مولود إلا وهو على الملة".

وحكى ابن عبد البر عن قوم أنه لا يقتضي العموم، وإنما المراد: أن كل من ولد على الفطرة، وكان له أبوان على غير الإسلام، نقلاه إلى دينهما.

فتقدير الخبر على هذا: كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يهوديان مثلاً فإنهما يهودانه ثم يصير عند بلوغه إلى ما يحكم به عليه.

ويكفي في الرد عليهم: رواية أبي صالح المتقدمة، وأصرح منها رواية


(١) النبوات /٤٣: ٤٣١.
(٢) هذا بخلاف الوجوب الشرعي والذي هو محل الثواب والعقاب، وسيأتي مزيد بيان بمشيئة الله لهذه المسألة في فصل حجية العقل.

<<  <   >  >>