للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبادتها دون الله، ويعلو به برهان تأله الله الواحد القهار.

قال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا} (١)

مثال آخر: قوله تعالى: {وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} (٢)، فهذا الخبر يدل على بعث الناس من قبورهم لوقوفهم بين يدي ربهم للحساب والقصاص.

فإذا احتج المشركون بقولهم مثلاً: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ، لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} (٣)

فالجواب: من المعلوم ببداهة العقول: أن الذي يقول على حمل القنطار، يكون على حمل أوقية أقوى وأقدر. قال تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (٤)، وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا} (٥).

فقد يرد أحدهم متبجحًا: هذا دليل على الجواز، فأين الدليل على وجوب البعث؟

فالجواب: إن أفعال الله المتقنة، وصنعته الباهرة، وخلقه المحكم دلّ على حكمته، وحكمته دلت على إرادته، وإرادته مستلزمة لعلمه، وتلك صفاته الأزلية التي لم تفارق ذاته؛ فدل ذلك على أنه لا يفعل إلا بعلم ولحكمة مراده.

والحكمة تقتضي وضع الشيء في موضعه، والجمع بين المتماثلين والتفريق بين المتناقضين.


(١) سورة الفرقان، الآية: ٣.
(٢) سورة الحج، الآية: ٧.
(٣) سورة المؤمنون، الآية ٨٢ - ٨٣.
(٤) سورة غافر، الآية: ٥٧.
(٥) سورة الإسراء، الآية: ٩٩.

<<  <   >  >>