للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الموجوداتُ كلُّها مفتقرةٌ إليه، وهو سبحانه غيرُ مفتقرٍ إلى شيء، والعرشُ والكرسيُّ والسمواتُ السبعُ، والأرضون السبعُ، ومن فيهنَّ، وما بينهنّ، وحَمَلةُ ذلك كلَّه محمولون بقدرته (١)، وهو - سبحانه وتعالى - مُتوجَّه ذلك كلَّه.

وأنَّه سبحانه لا يحيطُ به شيء، ولا يستعينُ بشيء، بل الموجوداتُ كلُّها مُحَاطٌ بها، مستعينةٌ به - سبحانه وتعالى -.


= وهي كلها صفات كمال، وعدمها نقص ومحال أن يتصف الله بالكمال بعد النقص، ولم يستفد أي صفة بعد خلق العباد، بل كل صفاته ثابتة له قبل خلقهم، فهو الخالق قبل خلق الخلق، والباري قبل إحداث البرية.
قال ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية (١/ ١٠٣): (والشيخ - رحمه الله - أشار بقوله: (ما زال بصفاته قديماً قبل خلقه) إلى آخر كلامه - إلى الرد على المعتزلة والجهمية ومن وافقهم من الشيعة، فإنهم قالوا: إن الله تعالى صار قادراً على الفعل والكلام بعد أن لم يكن قادراً عليه؛ لكونه صار الفعل والكلام ممكناً بعد أن كان ممتنعاً، وأنه انقلب من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي! وعلى ابن كلاب والأشعري ومن وافقهما، فإنهم قالوا: إن الفعل صار ممكناً له بعد أن كان ممتنعاً منه).
(١) هذه العبارة شبيهة بما قاله الإمام الدارمي في نقضه على المريسي (١/ ٤٥٧): (فيقال لهذا البقباق النفاج: إن الله أعظم من كل شيء وأكبر من كل خلق، ولم يحتمله العرش عظماً ولا قوة، ولا حملة العرش احتملوه بقوتهم، ولا استقلوا بعرشه بشدة أسرهم، ولكنهم حملوه بقدرته، ومشيئته، وإرادته، وتأييده. لولا ذلك ما أطاقوا حمله).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - فيمن يقول بالجهة - وذلك بعد تفصيله عم يقصده بها - قال: (وإن كان يعتقد أن الخالق تعالى بائن عن المخلوقات، وأنه فوق سمواته على عرشه بائن من مخلوقاته، وأن الله غني عن العرش وعن كل ما سواه، لا يفتقر إلى شيء من المخلوقات، بل هو مع استوائه على العرش يحمل العرش وحملة العرش بقدرته، ولا يمثل استواء الله باستواء المخلوقين .... فهذا مصيب في اعتقاده، موافق لسلف الأمة وأئمتها). مجموع الفتاوى (٥/ ٢٦٢ - ٢٦٣)، وانظر: بيان تلبيس الجهمية (١/ ٥٦٧).

<<  <   >  >>