للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل (١٤)]

ويجب أن يُعتقد أن أكسابَ العباد مخلوقةٌ لله تعالى (١) من غير مريةٍ فيه، ولا أعلمُ أحداً من أهل الحقِّ والهدى يُنكر هذا القول، وينفيه.

وأن الله تعالى يهدي من يشاء لدينه، ويضلّ من يشاء عنه، لا حجة لمن أضلّه الله - عز وجل - عليه، ولا عذرَ له لديه (٢)، قال الله - عز وجل -: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: ١٤٩]، وقال تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة: ١٣]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأعراف: ١٧٩]، فسبحانه خلق الخلق بلا حاجةٍ [منه] (٣) إليهم، فجعلهم فريقين: فريقاً للنعيم فضلاً، وفريقاً في الجحيم عدلاً، وجعل منهم غويًّا ورشيداً، وشقياً وسعيداً، وقريباً من رحمته وبعيداً، {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: ٢٣]، {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: ٥٤] قال الله - عز وجل -: {... كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} [الأعراف: ٢٩ -


(١) قوله هذا فيه رد على القدرية القائلين بأن العباد هم الذين يخلقون أفعالهم.
(٢) قوله هذا فيه رد على الجبرية القائلين بالجبر، وأن العباد مجبورون على أفعالهم، ولا اختيار لهم في ذلك، وأن الفاعل الحقيقي هو الله، والعباد فاعلون بالمجاز لا قدرة لهم، ولا اختيار.
(٣) في (ص): (فيه)، وفي (ظ) و (ن) ما أثبته.

<<  <   >  >>