الفساق المستهترين ... ولسان المدرسين حين يدرسون شعر أبي نواس المقرر رسمياً في المنهِج!
إن الشاب تتعبده الشهوة فيخضع لها، لأن سهامها تنصب عليه من كل جانب، فلا يطيق أن يتقيها، فيصورها له خياله عالماً مسحوراً عجيباً، وجنة فينانة غريبة، فيتمنى دخولها، فلا يجد من دونها حجاباً، بل يجد من يسوقه إليها ويحفزه عليها، فلا يخرج منها أبداً، ولا عليه إن ماتت الأمة أو عاشت، فهل فكر أحد من أطباء الأخلاق في هذا الداء؟
بناء الأخلاق ينهار، وسوق الزواج يبور، ونسل الأمة ينقطع، والمخازي والرذائل تعم وتنتشر، والقادة والمصلحون وأرباب الأمر يرون ذلك كله، فلا يبالونه ولا يفكرون فيه، ولا يفتشون له عن علاج ... مع أن العلاج هين ميسور والعقاقير دانية قريبة، لا ينقصها إلا يد تمتد إليها فتأخذها لتجرعها المريض؛ وأين تلك اليد؟
...
إن الله الذي وضع الشهوة في النفوس جعل دواءها الزواج، فإذا تعذر الزواج فهناك طرق للوقاية من الفاحشة، وهنالك السدود من دونها والحجب: هنالك الدين، فإذا علمتم الشاب دينه، وعرفتموه بربه، ونشأتموه على التوحيد الخالص، والإيمان الصحيح حتى يعلم أن الله مطلع عليه، لاستحيا من الله أن يأتي الفاحشة بسمعه وبصره، كما يستحي أن يأتيها على مشهد من أبيه الذي يجله، أو أستاذه الذي يحترمه، ويعلم أن من حق الله عليه، وقد أعطاه هذه الأعضاء وأنعم بها عليه ألا يستعملها إلا في طاعته ... هذا أول سلاح تدرأ به المعصية، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم:«لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن»، أي لا يستطيع أن يزني وهو مؤمن أن الله مطلع عليه، ناظر إليه، ولمنعه الحياء من الله إن لم يمنعه الخوف من العقاب.
وهنالك الشرف، فإذا ربيتم الشاب عليه، وجعلتموه يحس به ويقدره قدره، وأفهمتموه معنى المروءة وقيمة العرض، لمنعه من الفاحشة ما كان يمنع الجاهلي الشريف، من أن ينظر إلى جارته حتى يواري جارته مأواها.