هال بعض المصلحين منذ سنتين ما رأوا من فشوّ التبرج والاختلاط في دمشق البلد العربي المسلم، فقاموا يدافعون عن الفضيلة المغلوبة ويردّون الرذيلة الغالبة، وانقاد إليهم الناس، لأن الكثرة الكاثرة من أهل دمشق لا تزال متمسكة بدينها، ولا تزال نساؤها في الحجاب الساتر، ومشت الأمور في طريقها وكادت تصل إلى غايتها، ودعاة الفجور ينظرون ويتحرقون ... لولا أن دفعت الغيرة على الأخلاق الإسلامية والسلائق العربية بعض العامة إلى الدخول على النساء في السينما وإخراجهن منها وترويعهنّ، وإلى التجوال في البلد ونصح كل متبرّجة ووعظها وزجرها ... وقد أنكر العلماء وعقلاء البلد ذلك عليهم فكفوا عنه وأقلعوا، ولكن دعاة الفجور لم يرضهم أن تنتصر دمشق للفضيلة وأن تهدم عليهم عملهم على رفع الحجاب وإباحة الاختلاط، فاستغلوا عمل هؤلاء العوام وأعلنوا إنكاره وكّبروه وبالغوا في روايته، وذهبوا يقيمون الدنيا ويبرقون البرقيات ويُرعدون بالخطب، وما أهون الإبراق والإرعاد، وما أسهل إثارة الشبان الفاسقين على الستر والحجاب، باسم (الحرية الشخصية) التي تمتع عيونهم بما وراء الحجاب من جمال، وتُنيلهم ما بعد حدود الفضيلة من لذائذ!
أيخرجون النساء من السينما؟ أيعرضون بالنصح للمتبرجات الكاشفات؟ يا للحدث الأكبر، يا للعدوان على الحرية الشخصية التي ضمنها الدستور! أليست المرأة حرة ولو خرجت عارية؟ أليس الناس أحراراً ولو فسقوا وفجروا؟ أليس كل امرئ حراً ولو نقب مكانه في السفينة (١) فأدخل إليها الماء فأغرقها وأهلها؟!