للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[داء الشباب]

نشرت سنة ١٩٣٨

وهل داء الشباب إلا الميل الجنسي الذي يملأ نفوسهم، ويسيطر على أرواحهم، ويتراءى لهم في كل جميل في الكون، شيطاناً لعيناً يقود إلى الهاوية وإبليساً (١) من أبالسة الرذيلة، يدعو إلى دين الهوى، وشرع الشهوات، ويحدر عقل من يستجيب له فينزل به من مكانه في الرأس إلى غير مكانه، ويجعل صاحبه عبداً للجسم، مؤتماً بالشيطان؟

وهل يأتي ممن كان إمامه إبليس، وشرعه هواه، إلا قطّ في شهر شباط؟ بل ما يبلغ والله أن يكونه، فإن القط تشغله الشهوة شهراً في العام وسائر أيامه للصيد والوثب والسعي للرزق وما خلق الله له القطط، وعبد الشهوة من الناس تتعبده الشهوة في كل حين ... وللقط طريق واحد إلى بلوغ شهوته هو (الطريق) الذي (شقه) الله لبقاء الجنس، تبعاً للسنة التي سنها، أما عبيد الشهوة من البشر فلهم مائة طريق، تسعة وتسعون منها تخالف سنة الله، وقوانين الحياة، وتأباها العجماوات، ويترفع عنها الحمير، ولا يرتضيها لنفسه (صاحب اللعنات) إبليس ... والقط في شهر الشهوة، لا ينسى قِطّيته (٢) ولا يدع صيد الفار، ولا السعي للعيش، والرجل إذا تعبدته الشهوة ينسى إنسانيته، ويهمل الواجب عليه، ويقعد عن المشي في مناكب الأرض في طلب الرزق، بل لقد تبلغ به السفاهة والجهالة أن يفرَّ من الحياة منتحراً جباناً ذليلاً لأن ... لأن امرأة لم تعطه من نفسها الذي يريد، ولو عقلَ عقل القط لتركها إلى غيرها، وليس


(١) نونت الكلمة تنوين التنكير.
(٢) القطية للقط (مصدر صناعي) على وزن الإنسانية للإنسان ..

<<  <   >  >>