للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- الشامي: لكان عَمْ يحكي أرناؤوطي؟! هذا عربي!

- النادل: أمّال بؤول إيه؟

- الشامي: بؤول بدُّو كوسا محشي ومهوايه، يعني مروحة.

...

ولم أستطع أن أتقاعس أكثر من ذلك، وخفت أن يفضحني الضحك، فخرجت وأنا أسائل نفسي: ماذا يكون لو أقر مجمع اللغة (العربية ...) اقتراح الأستاذ فريد أبو حديد بك، الذي يدرسه الآن أعضاؤه؟

والذي يقول فيه «فلو كانت العامية لا تزيد على أنها استخدمت أداة للتعامل في الأسواق والحياة اليومية لكان أمرها هيناً، ولكنها منذ برهنت على صلاحها للتعبير الأدبي صار من الممكن أن تنطلق في سبيلها متباعدة عن الفصحى حتى ينتهي بها الأمر إلى الاستغناء عنها. بل إن جمال أساليب التعبير العامي إذا بلغ مداه كان أجدر أن يسترق القلوب لأن تلك الأساليب أقرب إلى النفوس والأفهام من الفصحى لشدة اتصالها بحياة الكافة.

ولقد كان من أكبر ما عمل على تقويض أركان اللاتينية ظهور كتاب مبدعين في اللغات القومية الأوروبية، وقد كانت تلك اللغات عامية في وقت من الأوقات بالنسبة للّغة اللاتينية، فقد ظهر دانتي في إيطاليا، وكتب روائع قومه بلغته (إلى أن قال) ولكنا لا نخشى على العربية الفصحى أن يكون مآلها هو مآل اللاتينية لعدة أسباب:

١ - إن العامية لم تستطع إلى الآن (تأمل) أن تتسامى إلى آفاق الفكر العليا، فإنها لم تزد بعد (تأمل) على أن تكون وسيلة للتعبير الساذج والأحاسيس الابتدائية، ولم يظهر فيها بعد (تأمل) أمثال النوابغ الذين أنتجوا روائعهم الخالدة، بلغاتهم الأوروبية الحديثة الدارجة.

٢ - إن الفارق بين العامية والفصحى لم يبلغ شيئاً يقرب من الفارق بين اللغات الأوروبية الدارجة وبين اللاتينية، فما زال التفاهم ممكناً في سهولة بين المثقف وغير المثقف بلغة سليمة بسيطة فصحى.

<<  <   >  >>