وفي غالب هذه الاحتمالات تكلف، ولا سيما الأخير. وقد أومأت قبل هذا إلى احتمال آخر، وهو أن المراد إثبات ذلك للخزرج دون الأوس فقط، فلا ينفي ذلك عن غير القبيلتين من المهاجرين ومن جاء بعدهم، ويحتمل أن يقال: إنما اقتصر عليهم أنس لتعلق غرضه بهم، ولا يخفى بعده.
والذي يظهر من كثير من الأحاديث أنَّ أبا بكر كان يحفظ القرآن في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد تقدم في المبعث أنه بنى مسجدًا بفناء داره فكان يقرأ فيه القرآن وهو محمولٌ على ما كان نزل منه إذ ذاك. وهذا مما لا يرتاب فيه مع شدة حرص أبي بكر على تلقي القرآن من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وفراغ باله له وهما بمكة وكثرة ملازمة كل منهما للآخر حتى قالت عائشة كما تقدم في الهجرة أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يأتيهم بكرة وعشية.
وقد صحح مسلمٌ حديث:"يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله" وتقدمت الإشارة إليه، وتقدم أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بكر أن يؤم في مكانه لما مرض، فيدل على أنه كان أقرأهم.
وتقدم عن عليّ أنه جمع القرآن على ترتيب النزول عقب موت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
وأخرج النسائيُّ بإسناد صحيح، عن عبد الله بن عَمرو، قال:"جمعتُ القرآن فقرأت به كل ليلة، فبلغ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: اقرأه في شهر .. " الحديث. وأصله في الصحيح.
وتقدم في الحديث الذي مضى ذكر ابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وكل هؤلاء من المهاجرين.
وقد ذكر أبو عبيد القراء من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فعد من المهاجرين الخلفاء الأربعة، وطلحة، وسعدًا، وابن مسعود، وحذيفة، وسالمًا، وأبا هريرة، وعبد الله