٢٨٠/ ١٦ - (جاء إبراهيمُ - صلى الله عليه وسلم - بأُمِّ إسماعيل، وبابنِها إسماعيل وهي تُرْضِعُهُ، حتى وضعها عند البيت، عند دَوْحَةٍ فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذٍ أَحَدٌ، وليس بها ماءٌ، فوضعهما هناك، ووضع عندهما جرابًا فيه تمرٌ، وسقاءٌ فيه ماءٌ، ثم قَفَّى إبراهيمُ مُنْطَلِقًا، فتبعتْهُ أُمُّ إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم! أين تذهب وتَتْرُكُنَا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيسٌ ولا شيءٌ؟! فقالت له ذلك مرارًا، وجعل لا يلتفتُ إليها، قالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قالت: إذن لا يُضَيِّعُنَا. ثم رجعت. فانطلق إبراهيمُ صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه، استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الدعوات، فرفع يديه فقال:{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ} حتى بلغ: {يَشْكُرُونَ}[إبراهيم / ٣٧]. وجعلت أُمُّ إسماعيل ترضع إسماعيل، وتشرب مِنْ ذلك الماء، حتى إذا نفذ ما في السقاء، عطشت، وعطش ابنُها، وجعلت تنظر إليه يَتَلَوَّى -أو قال: يتلبَّطُ- فانطلقت كراهية أنْ تنظرَ إليه، فوجدت الصفا أقرَبَ جَبَلٍ في الأرض يليها، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدًا؟ فلم تر أحدًا. فهبطت مِنْ الصفا حتى إذا بلغت الوادي، رفعت طرف درعها، ثم سعت سعي