وُجُوهَ الناس، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أبي بكرٍ ومُبايعَتَهُ، ولم يكُن بايعَ تلكَ الأشهُرَ، فأرسلَ إلى أبي بكرٍ: أَنْ ائْتِنَا، ولا يَأْتِنَا مَعَكَ أَحَدٌ -كراهيةَ مَحْضَرِ عُمر بنِ الخطاب-، فقال عُمرُ لأبي بكرٍ: والله! لا تدخل عليهم وحدكَ. فقال أبو بكرٍ: وما عَسَاهُمْ أن يفعلُوا بي، إنِّي والله لآتِيَنَّهم، فدخلَ عليهم أبو بكرٍ، فَتَشَهَّدَ عليّ بنُ أبي طالبٍ، ثم قال: إنا قد عرفنَا يا أبا بكرٍ فَضِيلَتَكَ، وما أَعْطَاكَ الله، ولم نَنْفَسْ عليكَ خيرًا ساقهُ الله إليكَ، ولكنكَ اسْتَبْدَدْتَ علينا بالأمرِ، وكنا نحنُ نرى لنا حقًّا لِقَرَابَتِنَا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يَزَلْ يُكَلِّمُ أبا بكرٍ حتى فَاضَتْ عَيْنَا أبي بكرٍ. فلما تكلَّم أبو بكرٍ، قال: والذي نفسي بيده لَقرابَةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحَبُّ إلي أَنْ أَصِلَ من قرابتِي، وأمَّا الذي شجرَ بيني وبينكُم من هذه الأموالِ، فإِنِّي لم آلُ فيها عن الحقِّ، ولم أترُكْ أمرًا رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يصْنَعُهُ فيها إلا صَنَعْتُهُ. فقال عليٌّ لأبي بكرٍ: موعدُكَ العشِيَّةُ للبيعَةِ. فلما صلى أبو بكرٍ صلاة الظهرِ، رَقَى على المنبرِ، فَتَشَهَّدَ وذكرَ شأنَ عليٍّ وتخلُّفَهُ عن البيعَةِ، وعُذْرَهُ بالذي اعتذر إليه. ثم استغفرَ وتشَهَّدَ عليّ بنُ أبي طالبٍ فعظَّمَ حقَّ أبي بكرٍ. وأنَّهُ لم يحملْهُ على الذي صَنَعَ نَفَاسَةً على أبي بكرٍ ولا إنكَارًا للذي فَضَّلَهُ الله بِهِ، ولكنَّا كنا نرَى لنا في الأمرِ نَصِيبًا، فَاستُبِدَّ علينا بهِ، فَوَجَدْنَا في أنفُسِنَا. فَسُرَّ بذلكَ المسلمُونَ، وقالُوا: أَصَبْتَ. فكانَ