وحكى الشافعيّ في الأمّ عن محمد بن الحسن أَنَّ أبا يُوسُف رجعَ عنه ثم رجع إليه بعد شهرين، وعن أبي حنيفة ثلاث روايات: الأولى ظاهر لا طَهُور وهي رواية محمد ابن الحسن عنه وهو قوله وقول الشافعيّ في الجديد وهو المُفْتَى به عند الحنفية، الثانية نجس نجاسَة خفيفة وهي رواية أبي يوسف عنه، الثالثة نجس نجاسة غليظة وهي رواية الحسن اللُّؤْلُؤِيّ عنه. وهذه الأحاديث ترُدّ عليه لأنَّ النَّجِس لا يُتَبَرّك به، وحديث المَجَّة وإِنْ لم يكن فيه تصرِيح بالوُضُوء لكنَّ تَوجيهه أَنَّ القائِل بنجاسة الماء المستعمل إذا عَلَّلَهُ بأنَّهُ مَاء مُضَاف قِيلَ له هو مُضَاف إلى طاهر لم يَتَغَيَّر به، وكذلك الماء الذي خالطَهُ الرِّيق طاهر لحديث المجّة، وأمّا من علّله منهم بأنه ماء الذَّنُوب فيجب إبعاده محتجًّا بالأحاديثِ الواردة في ذلك عند مسلم وغيره، فأحاديث الباب أيضًا ترُدّ عليه؛ لأنَّ ما يجب إبعاده لا يُتَبَرَّك به ولا يُشرَب، قال ابنُ المنذر: وفي إجماع أهل العلم على أنَّ البلل الباقي على أعضاء المُتَوَضّىء وما قَطَرَ منهُ على ثيابه ظاهر دليل قويّ على طهارة الماء المستعمل، وأمَّا كونه غير طَهُور فسيأتِي الكلام عليه في كتاب الغسل إن شاء الله تعالى، والله أعلم. اهـ.).
(خ، م، س كبرى، ت، ثم، طب كبير)(تنبيه ٩ / رقم ٢١٢٤؛ التسلية الصف الأول / ح ٣١).