وبما ان الأتراك لم يكونوا قادرين على ان يطردوا ذريتهم من البلاد، فانهم قرروا فقط، عدم السماح للكراغلة بشغل المناصب السامية. وقد عزل كل من كان يشغل منهم وظيفة حساسة في ذلك الحين. وهكذا، اذن، فان كل كرغلي يصل الى المرتبة السابعة، كان يعزل، وبهذه الكيفية لم يكن لأي واحد منهم ان يشتغل في البلاط.
وان الترجمان الذي هو مترجم البلاط، أو أمين اللغات الأجنبية (وهي وظيفة هامة جدا) وكتاب الدولة، كلهم كانوا يختارون من بين العرب لا من الكراغلة كما ان مراقب المؤاسسات الخيرية التابعة لأملاك مكة والمدينة، كان يعين من بين العرب.
وقد استمر هذا الحقد من الأتراك على أفلاذ أكبادهم مدة قرنين تقريبا. وهؤلاء الكراغلة كثيرو العدد، وموزعون على كامل أنحاء الايالة، وخاصة في المكان المسمى وادي الزيتون الواقع في سفح جبل فليسه، ويعتقد أنه يوجد منهم في هذا المكان وحده ما بين ٨ و ١٠ آلاف محارب. ومعظمهم كان يأخذ أجرا من الدولة، وعلى الرغم من إبعادهم، فانهم ظلوا يتقاضون رواتبهم خوفا من إثارة سخطهم.
وبعد ذلك فكر الكراغلة في استعطاف آبائهم ونيل رضاهم، ثم قاموا بإحضار جنود آخرين، على نفقتهم، وسجلوا أبناءهم كمتطوعين في الميليشيا.
والكراغلة الذين كانوا يتقاضون أجورا من الدولة، والذين كانوا موزعين على مختلف أنحاء الإيالة، لم يكونوا يستطيعون الحضور، شهريا، كما هي العدة، لتقاضي مرتباتهم، ولذلك كانت جماعة من اليهود تسبق لهم رواتبهم السنوية مقابل وكالة تسمح لهم بأن يقبضوا - باسمهم - ما لهم