بأنه يشتغل بالسياسة ولقد قضى هذا النوع من المراقبة على بذور الكفاءة عند رجال هذا البلد وخلق في المجتمع حذرا عاما استمر حتى مجىء الفرنسيين، وهذا الانحلال هو الذي جعل السادة الولاة يستطيعون القيام بأعمال تعسفية أو يتفننون في تطبيق الأحكام الجائرة دون أن يجدوا أناسا لهم من الشجاعة ما يمكنهم من التشهير بسلوكهم أمام الجمهور ومن أعلام الحكومة الفرنسيين بما هم عليه.
ومن جهة أخرى فإن نصائح الغذر التي كان يسببها اليهود قد ساعدت على أن يتزايد الطغيان ويبلغ منتهاه، وعلى أن تنشأ فكرة مشوهة عن طبائع سكان الجزائر الذين يرزحون تحت نير الاستبداد.
وفيما يخصني ووفاء مني للحكومة الفرنسية ولصالح قضيتها، فإنني قد حاولت أن أعرف بطبائع تلك الأمة الحرة وكذلك بالشعور النبيل الذي تتحلى به حكومتها التي لن توافق أيضا على أساليب الجور اللاسياسية والمناهضة للقوانين وبناء على هذا الاحتراز من الكراغلة والذي تكلمنا عنه أعلاء وضع الأتراك ثقتهم في اليهود لأنهم لا يخشون منهم الاستيلام على الحكم. وأقام سكان الجزائر من جهتهم حاجزا بينهم وبين الأتراك وأبدوا تحفظا شديدا إزاءهم بحيث لو طلب الأتراك من الجزائريين إبداء آرائهم لما افصحوا لهم عما يدور في أنفسهم. هذه هي الأسباب التي قضت على الديوان وعلى الشورى في الأمور.
وهكذا، فإن اليهود قد ارتبطوا بالأتراك من أجل المصلحة وقد جمعوا في تلك الظروف أموالا طائلة. وسأذكر اليهودي بكري الذي كان أخوه ميخائيل يملك عندما قدم إلى الجزائر حانوت عطار صغيرة يبيع فيها الخردوات بالتفصيل. وكانت هذه الحانوت تقع في نواحي باب عزون. ومنذ تلك الفترة ارتبطت