ولقد جاءني عدد من هؤلاء اليهود يسألونني رأيي فيما يخص مطالبهم وليعرفوا ماذا أفكر في مثل تلك المطالبة.
وكانت إجابتي كالآتي يا أصدقائي ليس لكم أي حق في مطالبة الفرنسيين وليس في إمكانكم إلا أن تلتمسوا من تلك الحكومة لنمنحكم عطفها ومساعدتها، وأنني لا أشك في أنها ستستجيب لرغبتكم عندما تعرضون عليها أوضاعكم.
ولكي أعود إلى ذلك الشقاق الذي كان موجودا بين الأتراك والكراغلة أقول انه منذ أن وقع الحادث المفصل أعلاه تكون حاجز بين الطائفتين بحيث أن الأتراك أصبحوا لا يستفيدون من علوم أبنائهم ولا من نفوذ ما لهم من أقارب في البلاد وقد كان حذر الأتراك شديدا إلى درجة أنهم لو أسدى لهم الكراغلة النصائح ولو كانت مفيدة لهم لنظروا إليها كحبائل منصوبة لاقتناص حسن نيتهم وإذا ما علموا أن هناك اجتماعا يعقده الكراغلة في مكان ما فإنهم كانوا يرسلون إليهم جواسيسهم تنظر هل يشتغلون بالسياسة وينتقدون بعض أعمال الحكومة أو حتى الحياة الخاصة للأتراك، كما أن الكراغلة كانوا يراقبون خشية أن يحدث بينهم وبين بعض الأعيان في داخل البلاد نوع من التفاهم بقصد الاستيلاء على الحكم، وعندما يكتشف الأتراك أنهم يضمرون لهم نوايا سيئة، بل عندما يخامرهم أدنى شك في ذلك، فإنهم كانوا ينفون قادتم ويفرقون اجتماعهم. وأخيرا لقد بلغت الإهانات التي كانت تسلط عليهم إلى درجة أن سكان الجزائر من كراغلة وغيرهم لم يعودوا يهتمون بالسياسة لا في اجتماعامم، ولا امام الملأ، ولا في مجتمعاتهم الخاصة. ومما يحدث أحيانا أن بعض الأشرار كنوا إذا ما أرادوا الانتقام يتهمون الشخص الذين يبغون هلاكه